للانتفاع، أليس المراد انتفاع جميع الأصناف؟ [فينبغي](١) تعميمهم، وهذا لا يفرق الأمر فيه بين كونها للملك، أو للانتفاع.
وهب أنه - تعالى - قال: إنما الانتفاع للثمانية، فلم تقتصر أنت على بعض قوله: هو راجع إلى ما سبق من قوله: "ومنهم من يلمزك"؟
قلنا: رجوعه واقع على التقديرين، ولكنه على - التقدير الذي نقوله أحسن وأبلغ، فكأنه تعالى يقول وَهُوَ أعلم بمراده: الذين يلمزونك مخطئون؛ لأنهم ليسوا واحدًا من هذه الأصناف، والصدقات لهذه الأصناف، فكيف يتعرضون لها؟
فإذا صحّ العود إليه مع ما يقوله، فلم يخرج عن ظاهر الكلام هذا، وهو مع ما يقول أحسن وأبلغ، وكأني بك تقول: قولك: "عن ظاهر الكلام" يقتضي تسليم أنه ليس بنصّ.
فأقول: ليعلم طالب التحقيق الحائد عن وَرطات التعصّب - أن الظواهر إذا احتفَّت بها قرائن لفظية كانت أو غير لفظية صَيّرتها نصوصًا.
وكل ما قدمنا ذِكْره في قوله:"لا نكاح"، "لا صيام"، و"لذي القربى"، وغير ذلك من هذا القبيل، فإذا اعتضد الظاهر عامًّا كان، أو حقيقة بالمعنى التحق بالنصوص، وهذا ظاهر يعضّده المعنى الذي يلمح في هذه الأصناف، ويقضى باستوائها كما ينسبك عنه الفقيه.
وقد تقرر أنك إذا ذكرت لفظًا عامًّا، فحمله على الاستغراق ظاهر، فإذا احتفت به قرائن التعميم كان أولى، فإذا حملته والحالة هذه على الخصوص كنت أبعد من حملك إياه عليه إذا لم يكن قرائن.
ثم الخصوص المحمول عليه إن كان كثيرًا غالبًا كان تأويلًا مقبولًا عند اعتضاده بالدليل، وإن كان نادرًا شاذًا قد لا يمرّ بالخاطر كان تعطيلًا مردودًا.
ولا يقال: أنتم لا تشترطون في العام إذا خصّ أن يكون الباقي جمعًا كثيرًا؛ لأنا لا نعني بالكثير الغالب هنا الكثير عددًا، بل الكثير وقوعًا والغالب وجودًا، بحيث يقرب أنه مما خطر بالبال عند ذكر لفظ العام، فافهم ذلك، وهو من أسرار هذا المكان، ونحن وإن خصّصنا هذا المكان بذكر هذه الزّبدة، وهي لا تختص به، بل تنفع في باب التأويل جميعه.