للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعندي: أن أصحابنا عليه، ولكن يرون تخصيص الأولى (١) باسم وإن احتجوا


=

"مناقشة الدليل"
ويناقش هذا الدليل بأن محل النزاع إنما هو المنطوق الذي وجد فيه معنى يفهم العارف باللغة أن الحكم إنما ثبت فيه لأجله، وأن هذا المعنى موجود في المسكوت على السواء، وحينئذ فيقال لهم: إن أردتم بقولكم: لقيام احتمال التعبد قيامه مع فَهْم مناط الحكم لغة، ووجود هذا المناط في المسكوت، كما هو المفروض، فممنوع قطعًا، إذ بعد فرض فهم المناط لغة، ووجوده في المسكوت لا يتأتى احتمال التعبد احتمالًا يعتد به في العرف والعادة بحيث يكون مانعًا من فهم ثبوت الحكم للمسكوت لغة.
وإن أردتم به قيام الاحتمال مع عدم فَهْمِ المناط لغة فمسلم، ولا يفيدكم: لخروجه حينئذ عن محل النزاع؛ إذ مساواة المسكوت للمنطوق فرع عن فهم مناط الحكم ووجوده في المسكوت.
وأما تنظيرهم بالنهي عن أكل القثاء، فيجاب عنه بالفرق بين النهي عن أكل مال اليتيم، والنهي عن أكل القثاء؛ لأن مناط النهي في الأول - وهو تفويت المال على اليتيم - موجود في أخذه، فكان النهي عنه مستلزمًا للنهي عن الأخذ عرفًا، بخلاف مناط النهي في الثاني، وهو تضرر الآكل، فليس موجودًا في الإتلاف، فلم يكن النهي عنه مستلزما للنهي عن الإتلاف عرفًا، ففرق بينهما.
من هذه المناقشة يتضح للناظر أن هذا الدليل لا يصلح أن يكون حجة، ولا شبه حجة على اشتراط الأولوية.

"دليل القائلين بعدم اشتراط الأولوية"
استدل القائلون بعدم اشتراط الأولوية بأنا نعلم قطعيًّا أنه كثيرًا ما يفهم ثبوت حكم المنطوق للمسكوت مع عدم أولويته بالحكم؛ لفهم المناط لغة، كما في فهم تحريم إحراق مال اليتيم من تحريم أكله ظُلْمًا، وإهدار هذا النحو من الدلالة مما لا وجه له؛ إذ بعد فرض فهم ثبوت حكم النطوق للمسكوت؛ لفهم المناط لغة، كما هو موضوع النزاع لا وجه لإهدار هذه الدلالة نعم إن أرادوا بهذا الشرط أنه شرط لمجرد تسمية الدلالة على ثبوت الحكم للمسكوت بـ "مفهوم الموافقة" اصطلاحًا، كما اصطلح بعضهم على تسمية الدلالة على ثبوت الحكم للمسكوت المساوي بـ "لحن الخطاب"، فلهم اصطلاحهم، ولا مُشَاحَّةَ في الاصطلاح، كما يقولون، وحينئذٍ فلا يَعْدُو هذا الخلاف أن يكون خلافًا في التسمية والاصطلاح، أما كونه شرطًا لأصل الدلالة على ثبوت حكم المنطوق للمسكوت، فهذا لم يقم لهم عليه دليل، بل قد قام الدليل على خلافه.
(١) فمفهوم الموافقة الأولى: هو ما يكون المسكوت فيه أولى من المنطوق باستحقاق الحكم بأن =

<<  <  ج: ص:  >  >>