للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القول بأنها لا تشترط هو طريقة الإمام الرازي وأتباعه (١).


= المعالي الجويني في البرهان عن الإمام الشافعي حيث قال: ونحن نورد معانى كلامه، فما ذكره أنه قال: "المفهوم قسمان: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة".
أما مفهوم الموافقة: فهو ما يدل على أن الحكم في المسكوت عنه موافق للحكم في المنطوق به من جهة الأولى" اهـ وذهب الإمام الغزالي والإمام الرازي ومن لفّ لفّهما إلى أنه لا يشترط في مفهوم الموافقة أولوية المسكوت عنه بالحكم؛ بل المدار على ألا يكون مناط الحكم في المسكوت عنه أقل مناسبة واقتضاء للحكم منه في المنطوق، سواء كان أولى منه أو مساويًا له في ذلك.
وفي هذا يقول الزركشي: وهو ظاهر كلام الجمهور من أصحابنا وغيرهم، فالخلاصة: أن في اشتراط الأولوية في مفهوم الموافقة طريقين:
أحدهما: يذهب إلى الاشتراط، وهو منقول عن الشافعي، واختاره أبو إسحاق الشيرازي، والآمدي.
والثاني: يذهب إلى الاشتراط، وهو مذهب الجمهور، كما قال الزركشي وغيره.
فإن قيل: هل لهذا النزاع ثمرة مع اتفاقهم على ثبوت حكم المنطوق للمسكوت المساوي، والعمل به؟.
والجواب: نعم، له ثمرة، وهي أن ثبوت الحكم للمسكوت المساوي على القول باشتراط الأولوية يكون بالقياس، وتجري عليه أحكام القياس، وعلى القول بعدم الاشتراط يكون ثبوته بطريق النص المقابل للقياس، ويأخذ حكم المنصوص قاله شيخنا الحضراوي. ينظر: الإحكام ٣/ ١٤٢، ١٤٣.
(١) استدل القائلون باشتراط الأولوية بأن إلحاق المسكوت المساوي بالمنطوق في الحكم لا يخرج عن القياس؛ إذ لا يمكن فهم اتحادهما في الحكم من النص على حكم المنطوق عرفًا؛ لقيام احتمال التعبد في محل النطق، فلا يتعدى الحكم إلى محل السكوت، بخلاف المسكوت الأولى، فإنه يفهم اتحادهما في الحكم عرفًا؛ لبعد احتمال التعبد حينئذ نظرًا لأولية المسكوت بالحكم، وأما تمثيله للمساوي بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ بناء على دلالته على حرمة الأخذ المساوي للأكل في الإتلاف، فليس من قبيل مفهوم الموافقة؛ فإن حرمة الأخذ لا تفهم من حرمة الأكل عرفًا؛ ألا ترى أنه لو قيل: لا تأكل القثاء، أو الهندباء مثلًا لا يفهم منه النهي عن الإتلاف؛ فحرمة الأخذ إن كانت مستندة إلى الآية، فمن طريق آخر لا من طريق المفهوم.
هذا توضيح ما قالوه في الاستدلال على ما ذهبوا إليه من اشتراط الأولوية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>