للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنَا: الْقَطْعُ بِذَلِكَ لُغَةً قَبْلَ شَرْعِ الْقِيَاسِ.

وَأَيْضًا: فَأَصْلُ هَذَا قَدْ يَنْدَرجُ فِي الْفَرْعِ مِثْلُ: "لا تُعْطِهِ ذَرَّةً"؛ [فَإِنَّهَا مُنْدَرِجَةٌ فِي الذَّرَّتَيْنِ].

قَالُوا: لَوْلا الْمَعْنَى، لَمَا حُكِمَ.

وَأُجِيبَ: بَأنَّهُ شَرَطَهُ لُغَةً؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بِهِ النَّافِي لِلْقِيَاسِ.

وَ [قَدْ] يَكُونُ قَطْعِيًّا؛ كالأمْثِلَةِ، وَظَنِّيًا؛ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْعَمْدِ وَاليَمِينِ الْغَمُوسِ.

كالغزالي والآمدي، والمصنف، والدلالة عندهم مجازية من باب إطلاق الأخص وإرادة الأعم.

الشرح: واحتج المصنف لما ارتضاه، فقال: "لنا: القطع بذلك لُغَةً قبل شرع القياس"، وهذه حجة باردة ذكرها المعترضون على الشَّافعي، ومن تمام كلامهم، أنهم يعلمون هذا باضطرار، والقياس لا يكون كذلك، وأنه يشترك في علمه الخاصّةُ والعامة، ولو كان قياسًا لغلط فيه غالط أو شكّ فيه شاك.

وأجاب ابن السَّمعاني بأن الضرب والشَّتم غير مذكور في قوله: " ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [سورة الإسراء: الآية ٢٣] " مثلًا، وإنما يأتي من قبله، فأشبه علمنا بالفرع من ناحية أصله، وأنه لا بد من نوع نظر، فإنه ما لم يعرف قصد المتكلم، وأنه أخرج الكلام لمنع الأذى لا يحصل له هذا العلم؛

ألا يرى أنه ربما قال ذو الأغراض الصحيحة: لا تشتم فلانًا، ولا تستخف به، واقتله.

قلت: قوله: فأشبه علمنا بالفرع من ناحية أصله، يقتضي أنه يشبه القياس، وليس بقياس.

أنا أقول: الصواب: أنه قياس حقيقة؛ فإن المسكوت فرع، والمنطوق أصل، والأذى علّة جامعة، والفرع قد يكون أولى بالحكم، ولا يلزم من فهم الأول قبل شرعية القياس ألّا يكون هو الآن قياسًا جلِيًّا، فاعرف ذلك.

وسيكون لنا مباحثة في أنه هل يمكن اجتماع كونه قياسًا ومفهومًا في كتاب "القياس" إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>