للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المحلّ والواقع قوله: أنت طالق.

ألا ترى أنه إِذا اتَّصل الحكم بالسَّبب تكون هي طالقًا من حيث الوقوع، وإِذا لم يتّصل، وتعلّق بالدخول تكون هي طالقًا من حيث السبب.

والحرف على هذا أن المعلّق هو الطَّالقية نزولًا لا الطَّالقية سببًا.

فثبت قطعًا أنه يجوز أن يدخل الشرط على الحكم، ويجوز أن يدخل على السبب.

فنقول: دخوله على الحكم لمنعه أولي؛ لأن قوله: أنت طالق كلمة مستقلّة صحيحة لثبوت التَّطليق، أو لثبوت عقد الطَّلاق، وإِيصال حكمه؛ ألا ترى أنه لو لم يعلقه بالشرط ثبت كلاهما، فإِذا وصل بالشَّرْط نمنع الحكم لضرورة الشرط، ولا ضرورة في منع السبب، وانعقاده علّة، فانعقد السبب وتأخر الحكم؛ ولأن الطلاق عَقْد شرعي له حكم، وقد وجدنا في أصول الشَّرع وحود عقد بصورته، وتأخر حكمه، ولم نجد في أصول الشَّرع وجود عقد بصورته وتأخر العقد عنه، وهذا لأن عقد التطليق قوله: أنت طالق مضافًا إِلى المحلّ، فإِذا وجد وتحقق، فكيف يحكم بتأخره؟.

نعم يجوز أن يتأخر حكمه؛ لأنه لم يوجد، فأما تأخر عقد الطَّلاق مع وجوده بصورته من أهله في محله، فمحال.

وخرج على هذا قوله: إِن أكرمتني أكرمتك؛ لأنه لا يتصوّر دخوله إِلَّا على الإِكرام فحسب، وها هنا يتصوّر دخوله على الحكم [لا على] (١) السبب، وهذا لأن الإِكرام شيء واحد، فلا بد إِذا علّق بشيء أن يتأخر.

وأما هنا فإِنه عقد شرعي له حكم، فيجوز أن يدخل على الحكم فيتأخر، ويتنجّز العقد.

وهذا فصل عظيم أطال فيه أصحابنا النفس في خلافيات الفُرُوع، وفيما ذكرناه مقنع وبلاغ.

وقولهم: إِن الطَّلاق ما ينزل في محلّه.

قلنا: قد اتّصل بالمحلّ بقوله: أنت طالق، وهذا كافٍ للاتصال سببًا، وأما الاتصال


(١) في ج: وعلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>