. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوعًا ونزولًا، فيكون عند الشرط.
وأنت ترى ماذا من عظائم المسائل ينبنى على هذا الأصل بيننا وبين الخصوم، فعليك بحفظه.
وكان أبي - تغمده الله برحمته - يقول في قولك مثلًا: إِن دخلت الدار فأنت طالق: إِن هذا إِنشاء للتعليق، لا تعليق للإِنشاء؛ فإِن الإِنشاءات يستبعد تعليقها.
قال: وإِنما قلنا ذلك؛ لأن القضية المَجْعُولة جواب الشرط سواء أكانت خبرية أو إِنشائية فيها أمران:
أحدهما: نسبة أحد جزئيها إِلى الآخر.
والثَّاني: الحكم بتلك النِّسْبة.
وهذا الثَّاني هو المنقسم إِلى: الإِخبار، والإِنشاء، وكلّ منهما يستحيل تعليقه؛ لأنهما نوعان من أنواع الكلام، يستحيل وجودهما حيث لا كلام.
والشرط قد يوجد حين يكون الشَّارط ساهيًا ونائمًا وغير متكلّم، فيستحيل كون الإِنسان منشئًا ومخبرًا حيث لا يكون متكلمًا، فالتعليق إِنما هو في النسبة الحاصلة بين جزئي الجملة، يعني أن تلك النسبة موقوفة على ذلك الشرط.
والشخص المعلّق حاكم بتعليقه بذلك إِما خبرًا، وإِما إِنشاء، فحكمه حاصل الآن.
ولذلك إِذا قال: إِن قام زيد قام عمرو حسن تصديقه وتكذيبه الآن، فيقال: ليس إِن قام زيد قام عمرو، فالموقوف على دخول الدَّار هو الطلاق لا التطليق؛ فإِن الطَّلاق هو انقطاع العِصْمة، وهو انفصال ناشيء عن التَّعْليق ووجود الصفة، وهذا معنى قول الفقهاء: الصِّفة وقوع الإِيقاع.
وأما التَّطليق فهو تصرف الزوج تارةً بالتنجيز، وتارة بالتَّعليق، فإِذا وجد المعلق عليه وجد أثره، وهذا معنى قول الفقهاء: التعليق مع الصفة تطليق، وليس معناه: أن الصفة جزء من التَّطليق الذي هو فعل الزوج، وإِنَّمَا معناه: أنه عند ذلك يصدق التَّطليق، كما لا يصدق عليه حقيقة إِلا عند حصول العلم، وتخلّل الزمان بين التعليق والصفة لا يقدح في ذلك.
وقد أطال أبي ﵀ في تقرير ذلك في كتابيه في الرد على ابن تيمية في مسألة