قُلْنَا: مِنَ الْقَرَائِنِ لا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
الشرح: والقائلون بمفهوم اللَّقب "قالوا: لو قال لمن يخاصمه: ليست أمي بزانية، ولا أختي، تبادر" إِلى الفهم منه "نسبة الزنا إِلى أم خصمه وأخته، ووجب الحد" - حد القذف - "عند مالك وأحمد"، ولو لا ثبوت مفهوم اللّقب لما تبادر ذلك.
"قلنا": تبادر "من القرائن" الحالية، وهي الخصام، وإِرادة الإِيذاء "لا ممَّا نحن فيه" من المفهوم الذي يكون اللَّفظ ظاهرًا فيه لغة.
وعلى أنا لا نسلّم هذا الحكم، فمذهبنا: أنه ليس بقذف صريح، ولا كناية، بل لا نجعله - على الصحيح - كناية، وإِن ثبت له مفهوم؛ إِذ مذهبنا الصحيح فيمن قال: أما أنا فلست بزان، أنه ليس بقاذف وإِن نوى.
وقال الشيخ أبو حامد: يكون كناية، ولا خلاف في أنه غير صريح مع حصول المفهوم المتّفق عليه بين القائلين بالمفاهيم؛ لأن "أما" حرف شرط مع انضمام حصر المبتدأ في الخبر بقوله: أنا لست بزانٍ، وهذا على تقدير أنَّ المفاهيم يعمل بها في كلام النَّاس.
وكان أبي ﵀ يقول: إِنما يعمل بها في كلام الشارع.
قلت: وهو ظاهر في المذهب، إِذ نقل الرافعي عن فَتَاوى القاضي الحسين من غير أن يتعقّبه بنكير، أنه لو ادّعى عليه غيره فقال: لا يلزمني تسليم هذا المال اليوم لا يجعل مقرًّا؛ لأن الإِقرار لا يثبت بالمفهوم.
قلت: ويمكن أن يقال: إِن قلنا: دلالة المفهوم بوضع اللِّسَان فهي والمنطوق سواء، فيعمل بها في كلّ كلام.
وإن قلنا بالشرع فلا يعمل بها إِلَّا في كلام الشَّارع، واعلم أن هذه هي المفاهيم الَّتي ذكرها الأصوليون.