للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتُدِلَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِبْطَالُ الْقِيَاسِ؛ لِظُهُورِ الْأَصْلِ فِي الْمُخَالَفَةِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَاويَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَلا مَفْهُومَ، فكَيْفَ بِهِ [هَا] هُنَا؟.

الشرح: "واستدلّ بأنه يلزم منه" لو كان حجّة "إِبطال القياس؛ لظهور الأصل" المقيس عليه "في المخالفة" للفرع، فإِنَّ النَّص الدَّال على حكم الأصل إِن تناول الفرع لم يكن فرعًا، بل كان ثابتًا بالنص كالأصل، وإِلَّا دلَّ المفهوم على انتفاء الحكم فيه، وكان إِثباته بالقياس مراغمًا للمفهوم فقوله مثلًا: البُرّ بالبر يفهم أن الزبيب ليس بربوي، فلو أَلحق به قياسًا بجامع الطعم راغم المفهوم.

"وأجيب بأن القياس يستلزم التساوي"؛ بين الأصل والفرع في المعنى، وإِذا حصل ذلك، دلّ على الحكم في الفرع بمفهوم الموافقة، وبطل مفهوم المخالفة كما علمت.

وهذا في المفهوم "المتفق عليه" بيننا، وهو الصفة والشرط، "فلا مفهوم" مخالفة مع التساوي؛ إِذ شرطه ألَّا يظهر أولوية مُسَاواة.

ولو كان في المفهوم القوي المتفق بيننا وبين من يثبت اللَّقب على أنه حجّة، "فكيف به ها هنا؟ " مع ضعفه والخلاف فيه.

والحاصل أن التعارض بين المفهوم والقياس غير متصوّر؛ لأن القياس مساواة، والمفهوم لا يكون أولى ولا مساويًا، وإِلَّا كان مفهوم موافقة لا مخالفة، فلا مفهوم إِذن مع المساواة، ولا قياس مع عدمها.

ولا يخفى عليك أنَّ هذا لا [ينهض] (١) إِلَّا على من يسلم أنّ شرط مفهوم المخالفة ألَّا تظهر [مساواة] (٢).

وكان أبي يقول: ولئن تخيل ثبوت المُخَالفة مع المُسَاواة، فللدّقاق أن يقول: المفهوم يدلّ على انتفاء ما عدا البُرّ مثلًا مطلقًا، والقياس إِنما يُلْحق ما شاركه في المعنى كالزَّبيب دون ما لم يشاركه كالرَّصاص، فغاية فعل القياس حينئذٍ تخصيص المفهوم، ولا بدع في تخصيص المَفْهُوم بالقياس، بل ولا المنطوق.


(١) في ج: ينتهض.
(٢) في أ، ت: مساة.

<<  <  ج: ص:  >  >>