للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"وأيضًا فإِنه" لو كان حجّة "كان يلزم من" قول القائل: "محمد رسول الله وزيد موجود، وأشباهه ظهور الكفر"؛ لأن مفهومه نفي رسالة غيره من الأنبياء، ويلزم عدم وجود غير زيد، فيعم، فيكون ظاهره أنه نفى وجود الرّب تعالى.

وإِنما قال المصنّف: ظهور الكفر، ولم يقل: الكفر نفسه كما فعل غيره؛ لأن الكفر يستدعى كون القائل متنبهًا لدلالة اللفظ مريدًا.

ولذلك اعترض الآمدي (١) على من ألزم الكُفْر بهذا، فخلص المصنّف عن اعتراضه بما ذكره.

قلت: وقد تبع الآمدي في التمثيل بـ "زيد موجود، ومحمد رسول الله"، وأنت تعلم أنه قدم اختصاص المفاهيم بالإِنشاء، وما ذكره جملتان خبريتان لا مفهوم لهما إِلَّا إِذا قلنا: إِن المفاهيم تطرق الأخبار، ولا نحفظ في ذلك نقلًا عن الدَّقاق، ولا غيره من القائل بمفهوم اللقب.

فالصَّواب الإِلزام بضرب من الإِنشاء، وهو ما فعله الأقدمون.

حكى الأستاذ أبو إِسحاق: أن ابن الدقاق ألزم عدم إِيجاب الزكاة من وجوب الصلاة.

قال: فظهر له بطلانه، وتوقف فيه.

قلت: وليت شعري لم توقف ولم لا، قال: هذا مفهوم اللَّفظ، ولكن عارضه منصوص، كما أنّ من قال: أكرم الذات العابدة الموجودة أفهم بالصفة عدم إِكرام الذات الَّتي ليست بعابدة، ويلزم عليه ذات الباري - تعالى - فإِنها معبودة لا عابدة؟

فجوابنا في مفهوم اللَّقب كجوابكم في مفهوم الصِّفَةِ عن هذا.

وقد يقال؛ إِنَّ القائلين بمفهوم اللَّقب يمنعون أن تكون العَرَبُ تنطق بهذا؛ لأنه لا فائدة فيه، فهو ضربٌ من اللَّغو؛ إِذ الغرض أن لفظ الصفة لا فائدة له غير نفي الحكم عما عدا الملفوظ، فإِذا فرض أن لفظ الصفة لا فائدة له غير نفي الحكم عما عدا الملفوظ، فإِذا فرض أنه لا نفي فيه كما في قولك الفائدة في هذا المثال كان حشوًا.


(١) ينظر: الإِحكام ٣/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>