"والخلاف لفظي" لأن مرادنا بالرفع زوال التعلق المظنون استمراره قبل ورود الناسخ، وهو المراد بانتهاء أمد الحكم، وليس الفرار إليه لأن قدم الحكم يأبى الرفع دون الانتهاء؛ لأن الانتهاء ليس إلا عدم وجود شيء بعد الأمد وهو الرفع، ويأبى عن القدم؛ فإنه ليس النسخ إلا انتهاء الحكم إلى أمد معيد، وهو ارتفاع التعلق المظنون بقاؤه. فمثله مثل التخصيص غير أن الأول يكون في الأزمان، الثاني يكون في الأفراد. قال صاحب مسلم الثبوت: "الحق أن الخلاف معنوي" وتحقيقه أن الخطاب المطلق النازل في علمه تعالى هل كان مقيدًا بالدوام، فكان النسخ رفعًا لهذا الحكم المقيد بالدوام، ولا يلزم التكاذب؛ لأن الإنشاء لا يحتمل الكذاب، وإنما يرفع الثاني الأول؟ أو كان الخطاب في علمه تعالى مخصصًا ببعض الأزمنة، وهو الزمان الذي ورد فيه النسخ لكن لم ينزل التقييد عند نزول المنسوخ: فكان النسخ بيانًا لهذا الآن المقيد به الحكم عند الله تعالى؛ فالمعرف بالرفع ذهب إلى الأول وبيان الأمد إلى الثاني. والأول كالقتل عند المعتزلة، والثاني كالقتل عند أهل السنة والجماعة، في أن المقتول على الأول قد ارتفعت حياته بالقتل لولاه لبقي حيًّا، وعلى الثاني القتل علامة مجيء الأجل ولولاه لمات لمجيء أجله. والحق كما قرره ابن الحاجب أن الخلاف لفظي.