وقد اغتر بهذه الروايات التي لا تثبت أمام النقد، بعض العلماء كابن جرير الطبري، والقاضي عياض، والسهيلي، فذهبوا إلى أنه إسحاق، وتحير بعضهم في تعارض الروايات، ولم يستطع أن يرجع ويصل إلى الحقيقة، فتوقف في الجزم برأي في هذا الموضوع كالإمام السيوطي، بل بعضهم ذهب إلى أن الذبح وقع مرتين: مرة بـ"مكة" لإسماعيل، ومرة بـ"الشام" لإسحاق، والحق ما ذهب إليه جمهور الصحابة، والتابعين، والعلماء الراسخين من أنه إسماعيل، وأن الروايات في أنه إسحاق دسيسة يهودية، واختلاف ممنوع. دعا إليه الحقد، والحسد للعرب، فلا تلق لذلك بالًا، وإن وجد في بعض كتب التفسير، والحديث والسير، والحق أحق أن يتبع. ثم أيهما أشد وقعًا على النفس وأعظم بلاء: أن يؤمر إبراهيم بذبح إسحاق وله ولد آخر يجد فيه إبراهيم بعض المعوض عن الابن المذبوح؟ أم يؤمر بذبح ولده ووحيده وبكره الذي رزقه على كبر وأتى بعد طول انتظار وشدة اشتياق ولم يكن هناك بارقة أمل في أن يرزق إبراهيم بولد بعده؟ إن الله تعالى قد وصف واقعة الذبح هذه بأنها البلاء المبين، أي الابتلاء والاختيار المبين الذي يتميز فيه المخلص من غيره، ولا ينطبق هذا الوصف ولا يتحقق هذا النبلاء إلا إذا كان الذبيح هو إسماعيل الابن الوحيد البكر. (١) سقط في أ، ت.