قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [سورة القصص: الآية ٥] ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [سورة الجمعة: الآية ٤]. وكذلك دلت الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين: روى الحاكم في المستدرك وابن جرير في تفسيره وغيرهما عن عبد الله بن سعيد الصنابحي قال: (حضرنا مجلس معاوية، فتذكر القوم إسماعيل وإسحاق فقال معاوية: على الخبير سقطتم، كنا عند رسول الله ﷺ فأتاه أعرابي فقال: يا رسول الله خلفت الكلأ يابسًا والمال عابسًا، هلك العيال، وضاع المال، فعد علي مما أفاء الله - تعالى - عليك يابن الذبيحين - فتبسم رسول الله ﷺ ولم ينكر عليه، فقال القوم: من الذبيحان - يا أمير المؤمنين؟ فقال: ابن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل أمرها أن ينحر بعض بنيه، فلما فرغ أسهم بينهم فكانوا عشرًا، فخرج السهم على عبد الله، فأراد أن ينحره، فمنعه أخواله بنو مخزوم، وقالوا: أرض ربك وافد ابنك، ففداه بمائة ناقة، قال معاوية: هذا واحد، والآخر إسماعيل). وشهد شاهد من أهلها، وروى ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي: أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى رجل كان يهوديًّا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان من علمائهم فسأله: أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل والله يا أمير المؤمنين، وإن اليهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب" وهذا هو الحق الذي لا ينبغي أن يكون غيره. وأما الحديث المشهور على أن النبي ﷺ قال: (أنا ابن الذبيحين) فقد قال الإمام العراقي: إنه لم يقف عليه، ولا يعرف بهذا اللفظ، وعلى هذا فلا يحتج به، ولا يجوز روايته أو ذكره إلا مقترنًا ببيان حاله، وقد وردت روايات أخرى موقوفة، ومرفوعة في أن الذبيح إسحاق إلا أن المرفوع منها عن النبي ﷺ والحق يقال - إما موضوع وإما ضعيف، فلا تثبت به حجة، والموقوف منها على الصحابة أو على التابعين إن صح سنده فهي من الإسرائيليات التي رويت عن أهل الكتاب الذين أسلموا بحسن نية، وحقيقتها أنها من دس اليهود وحسدهم للعرب أن =