للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإما أن يكلف مع ذلك بالإخبار "بنقيضه".

فإن كان مما يتغير كما إذا قال: كلفتكم بأن تخبروا بقيام زيد، ثم يقول: كلفتكم بأن تخبروا بأن زيدًا ليس بقائم، فلا خلاف أيضًا في جوازه؛ لاحتمال كونه قائمًا وقت الإخبار بقيامه غير قائم وقت الإخبار بعدم قيامه.

وإن كان مما لا يتغيّر ككون السماء فوق الأرض مثلًا، فهو محلّ الخلاف.

ومذهبنا: الجواز؛ "خلافًا للمعتزلة".

واحتج لهم الآمدي بأنه كذب، والتكليف به قبيح، ثم قال: وهذا مبني على قاعدة الحُسْن والقُبْح الباطلة عندنا، وعلى هذا فلا مانع من التكليف بالخبر بنقيض الحق. انتهى.

فإن قلت: الكذب نقص، ونحن نوافق المعتزلة على أن قبحه عقلي؛ فينبغي لنا المنع من ذلك أيضًا.

قلت: قد لا يكون نقصًا؛ لتعلّق غرض به، وعلى تقدير كونه نقصًا، فإنما هو نقص في حق الكاذب، وهو المكلَّف بفتح اللام - وهو المخبر لا المكلّف بكسرها - وهو الله تعالى المكلف بالإخبار، ويجوز التكليف عندنا بما هو نقص في حقّ العبد لا سيما إذا تعلّق به غرض يصير به من حيث ذلك الغرض حسنًا.

بل لقائل أن يقول: لا التفات لهذا على قاعدة التَّحْسِين والتقبيح، بل ينبغي القول به على أصلنا وأصلهم.

أما على أصلنا فواضح.

وأما على أصلهم؛ فلأنه قد يتعلّق به قصد صحيح، فلا يكون نقصًا في حقّ المكلف ولا المكلف، وقد ذكر الفقهاء أماكن يجب الكذب فيها لتعلّق غرض شرعي به.

فلو قال متغلّب لضعيف: اكذب كذبة خفيفة، وإلَّا ضربت عنقك، وجب عليه [أن] (١) يقترحها، وما أظن المعتزلة يخالفون في ذلك.

وفي مذهبنا وجه أنه يجب التلفُّظ بكلمة الكفر عند الإكراه (٢) عليها، ولا خلاف أنه


(١) سقط في أ، ب، ت.
(٢) الإكراه: "هو إجبار أحد على أن يعمل عملًا بغير حق من دون رضاه بالإضافة، ويقال له، =

<<  <  ج: ص:  >  >>