للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والأمر بالمحافظة على الوسط شيء وراء ذلك، وهو لم يزل، بل هو بَاقٍ.

القسم الثَّاني: ما ليس بمستقلّ، كزيادة ركعة أو ركوع، وزيادة صفة في رَقَبّةِ الكَفَّارة، كالإيمان، وزيادة جلدات على جلدات حدّ واحد، إلى غير ذلك من الزيادات.

فذهبت الشافعية والحنابلة وجماعة من المعتزلة كالجُبَّائي، وأبي هاشم إلى أنها لا تكون نسخًا.

وقالت الحنفية: إنها نسخ، واختاره بعض أصحابنا، وادّعى أنه مذهب الشَّافعي.

واحتج عليه بأن قوله : "المَاءُ مِنَ المَاء" (١) صار منسوخًا بقوله: "إذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ"؛ وإنما صار منسوخًا بالزيادة، لا الأصل.

قال: ابن السَّمعاني: وهذا غلط؛ لأن: "المَاءَ مِنَ المَاء" إنما دلّ من حيث دليل الخطاب، وهو نسخ للمفهوم، لا للنص من حيث الزيادة.

قلت: وهذا واضح، ولا يقال: فليكن هذا هو المذهب المفصل بين ما نفاه المفهوم وما لم ينفه؛ لأن القائل بهذا التفصيل يجعل ما نفاه المفهوم نسخًا للنَّص، ونحن لا نجعل


(١) من حديث أبي سعيد الخدري؛ أخرجه مسلم في الصحيح ١/ ٢٦٩ في كتاب الحيض (٣) باب إنما الماء من الماء (٢١) حديث (٨٠/ ٣٤٣) و (٨١/ ٣٤٣) وقال مسلم معقبًا على الحديث عن ابن الشخير: كان رسول الله ينسخ حديثه بعضه بعضًا كما ينسخ القرآن بعضه بعضًا. ثم افتتح بابًا يلي باب "إنما الماء من الماء" وسماه باب "نسخ الماء من الماء" وأخرجه أحمد في المسند ٣/ ٤٧ وابن خزيمة في الصحيح ١/ ١١٧ في الطهارة باب إيجاب الغسل من الإمناء … (٢٣٣، ٢٣٤)، والطبراني في الكبير ٤/ ٣١٧، أخرجه ابن حبان كما في الإحسان من حديث أبي ٢/ ٢٤٤ (١١٧٠) وفي الموارد حديث (٢٢٨)، وأخرجه الدارمي ١/ ١٩٤ كتاب الطهارة: باب "الماء من الماء"، وأخرجه الترمذي من حديث أبي بن كعب ١/ ١٨٤ في أبواب الطهارة: باب ما جاء أن الماء من الماء حديث (١١٠، ١١١) وقال أبو عيسى: (هذا حديث حسن) وإنما كان الماء من الماء في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك. وهكذا روى غير واحد من أصحاب النبي منهم: أبيّ بن كعب، ورافع بن خديج. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم على أنه إذا جامع الرجل امرأته في الفرج وجب عليهما الغسل وإن لم ينزلا، وأخرجه أبو داود ١/ ٥٤ في الطهارة: باب في الإكسال، حديث (٢١٤، ٢١٥)، وأخرجه الدارقطني ١/ ١٢٦ في كتاب الطهارة: باب نسخ قوله: "الماء من الماء" حديث (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>