للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقال الغزالي: إن اتحدت كركعة في الفجر، فنسخ، بخلاف عشرين في القذف".

والمختار: إن رفعت حكمًا شرعيًّا بعد ثبوته بدليل شرعي، فنسخ؛ لأنه حقيقة، وما خالفه ليس بنسخ".

اعلم أن الله - تعالى - إذا تعبدنا بشيء ثم بآخر.

فالآخر إما مستقل أي: عبادة منفردة بنفسها عن العبادة المزيد عليها، أو لا.

والأول المستقل، وهو إما أن يكون من غير جنس الأول، كزيادة وجوب الزكاة على الصلاة، فليس بنسخ بالإجماع.

أو من جنسه، كزيادة صلاة على الصَّلوات الخمس، فليس بنسخ أيضًا عند الجماهير.

وقال بعض أهل "العراق": إنه نسخ، ولم يذكر المصنف علّتهم، وقد اعتلّوا بأنها تغير الوسط.

وأنا أقول: إنْ عمم القوم ذلك في كلّ عبادة مستقلّة من جنس ما سبق وجوبه، ولم يخصوه بزيادة الصَّلاة السَّادسة، فهو واضح السقوط، واعتلالهم بجعله الآخر غير آخر لا ينفعهم؛ لأن كون الشيء آخرًا أمر عقلي لا ينسخ، وإن خصّوه بالصورة المذكورة، وأرادوا بكونها تغير الوسط جعلها المتوسط بين الشيئين غير وسط، فهو أيضًا ساقط؛ لأن ذلك أمر حقيقي، والنسخ إنما يرد على الحكم الشرعي، ثم لا اختصاص له بزيادة صلاة سادسة، بل يجري في كل مزيد.

وإن أرادوا به نسخ الأمر الوارد بالمُحَافظة على الصَّلاة الوسطى، فأقول:

إن كانت الوسطى علمًا على صلاة بعينها إما الصبح، أو العصر أو غيرهما، وليست "فُعْلَى" من المتوسّط بين الشيئين، فهو أيضًا ساقط؛ إذ لا يلزم من زيادة صلاة ارتفاع الأمر بالمحافظة على تلك الصلاة الفاضلة.

وإن كانت الوُسْطَى المتوسطة بين الصلوات، فالذي يظهر حينئذٍ أن الأمر يختلف بما يزاد، فإن زيدت واحدة، فهي ترفع الوسط بالكلّية، ويتّجه ما ذكروه؛ لأن الوسط حينئذٍ وإن كان أمرًا حقيقيًّا إلا أن الشرع ورد عليه وقرره، فيكون نسخًا للأمر الشرعي، وإن زيدت ثنتين ونحوهما مما لا يرفع الوسط، فلا نسخ، وإنما خرجت الظهر مثلًا عن أن يكون وسطًا، وكونها كانت الوسطى أمر حقيقي اتفاقي لا يرد النسخ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>