فإذن المختار ما قال أبو الحسين: أَنَّ زيادة رَكْعَة ليس بنسخ للرّكعتين؛ لأنهما قارّتان لم يرتفعا، ولا لإجزائهما؛ لأنهما يجزيان، ولكن قبل الزيادة بانفرادهما وبعدها مع الرَّكْعَة الأخرى، فلم يرتفع أداؤهما بالكلية، وإنما ارتفع إجزاؤهما بدون الرّكعة الزائدة، وذلك تابعٌ لنفي وجوبهما، ولا لوجوبهما؛ لبقائه كما ذكرناه، ولا لوجوب التشهد وتحريم الزيادة لما عرفت.
الشرح:"والتَّغْريب" إذا زيد "على الحَدّ كذلك"، فعند المصنف أنه نسخ؛ لتحريمه إذ كان تحريم التغريب.
"فإن قيل: منفي بحكم الأصل.
قلنا: هذا" إنما يتم "لو لم يثبت تحريمه"، ولكنه ثبت، والتَّحريم بدليل شرعي، فيكون الإيجاب رفعًا لثابت بدليل شرعي، وهو النسخ.
ولقائل أن يقول: ليس كلامنا إلّا في أنه هل هو نَسْخ للمزيد عليه الذي هو الجلدات لا غير، ثم لا نسلّم أن التغريب كان حرامًا بالشرع.
وحينئذ نقول المُخْتَار: أن زيادة التَّغريب لا تكون نسخًا؛ لأنه لا يزيل إلا نفي وجوب ما زاد على المائة، وهذا النفي غير معلوم بالشَّرع؛ لأن إيجاب المائة قدر مشترك بين إيجابها مع نفي الزَّائد وثبوته، وما به الاشتراك لا إشعار له بما به الامتياز، فإيجاب المائة لا إشعار له بالزيادة نفيًا وإثباتًا إلَّا أن نفي الزيادة معلوم بالعَقْل؛ لأنه من البَرَاءَةِ الأصلية، ورفع الثابت بالعقل ليس بنسخ، وأما كون الثمانين مجزئة، وكونها وحدها كمال الحَدّ، وكون الإمام لا يأثم بترك التَّغْريب، وكونه بحيث يجب الاقتصار عليه، فكلها أحكام عقلية، فلا يكون زوالها نسخًا، فيجوز قبول خبر الواحد فيه، كما يجوز قبوله في إثبات عبادة مستقلّة مع كونه يزيل كون العِبَادَاتِ الواجبات قبلها كلّ الواجبات إلى غير ذلك، فإن كونها كل الواجبات وغير ذلك أمر عقلي.
ولو كان كما قال المصنف من أن تحريم الزيادة ثابت بالشَّرْع لما جاز قبول خبر الواحد في نسخه، والتَّغريب ثابت بأخبار الآحاد، وكان يلزمه ألَّا يقبله؛ لتضمنه نسخ القرآن.