وَلَوْ زِيدَ فِي الْوُضُوءِ اشْتِرَاطُ غَسْلِ عُضْوٍ فَلَيْسَ بِنَسْخٍ؛ لأَنَّهُ إِنَّمَا حَصَلَ وُجُوبُ مُبَاحِ الأَصْلِ.
قَالُوا: لَوْ كَانَتْ مُجْزِئَةً ثُمَّ صَارَتْ غَيْرَ مُجْزِئَةٍ.
قُلْنَا: مَعْنَى "مُجْزِئَةٍ" امْتِثَالُ الأَمْرِ بِفِعْلِهَا، وَلَمْ يَرْتَفِعْ، وَارْتَفَعَ عَدَمُ تَوَقُّفِهَا عَلَى شَرْطٍ آخَرَ، وَذَلِكَ مُسْتَنِدٌ إِلَى حُكْمِ الأَصْلِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا.
لأنا نقول: إن ثبت أن هذا مفهوم، فهو إنما يمنع استشهاد الشاهد واليمين، ونحن قائلون بذلك، أو نمنع الإرشاد إلى ذلك، ونحن قائلون به أيضًا في كل حالة، ولو أنه إلا خوفًا من قاضٍ حنفي يضيع حق الشافعية حين لا يجدون على حقوقهم إلا شاهدًا ويمينًا وقاضيًا حنفيًّا.
سلمنا أنه يمنع من الحكم بشاهد ويمين، ولكن لم قلتم: إن هذا المفهوم مراد من الخطاب، والنسخ إنما يتطرّق إلى مقتضى الخطاب بعد ثبوته.
سلمنا بثبوته، ولكن النسخ إنما يكون لمفهوم الخطاب لا للخطاب نفسه.
ولم قلتم: إن هذا لا يجوز.
سلمنا، ولكن ذلك لا يليق بمذهب من رَدّ الخبر؛ فإنه لا يقول بالمفاهيم.
الشرح: "ولو زيد في الوضوء اشتراط عضو "على الأعضاء السِّتة، "فليس بنسخ"؛ خلافًا لقوم؛ "لأنه إنما حصل وجوب مباح الأصل"، وليس بنسخ.
"قالوا: كانت" الطَّهارة قبل هذه الزيادة "مجزئة، ثم صارت غير مجزئة" إلا بها، فقد ارتفع إجزاؤها، وهو حكم شرعي.
"قلنا: معنى مجزئة: امتثال الأمر لفعلها، ولم يرتفع، وارتفع عدم توقفها على شرط آخر، وذلك مستند إلى حكم الأصل".
والحنفية فرضوا هذا الفرع في نية الوضوء، ولعلمائنا في ردّ كلامهم طرق شَتّى، وهذا منها مبني على أن النية لم توجد بقضية الترتيب الواقع في القرآن، على ما هو مقرر في الخلافيات.