وجوه؛ لبعد الشّبه بينهما، هذا مع أنّ هذا التنائي وإن تعدّدت وجوهه لا يخدش أصل القياس - كما عرفت - بل نجعله من قسم الأَدْوَن، فافهم ما يلقى إليك.
قال: والوجهان في تَحْلِيف المجني عليه مَبْنِيّان على قولين فيما إذا أوصى لأم ولده بقيمة عَبْدٍ، فقتل قبل قَسَامَةٍ، ومات السيد قبل القَسَامة، ونكل وارثه عن اليمين، هل ترد اليمين على أم الولد؟.
قلت: وهذا بناء واضح؛ لأن بناء الوجهين على القولين ظاهر السَّبب، فإن القولين عند المخرجين بمنزلة النَّصين عند المجتهدين.
قال: والقولان في هذه المسألة مَبْنِيّان على قولين في أن من باع نَخلَةً من إنسان، فأفلس المشتري، وهي مطلقة، فاختار البائع عين ماله، وتَأَبَّرَتِ النخلة واختلف المتبايعان، فقال المشتري: أبّرتها قبل أن فسخت العَقْد، والثمرة لي، وقال البائع: بل فسخت قبل التَّأبير، والثمرة لي، فعرضنا اليمين على المشتري؛ ليعمل بقوله، فنكل، هل ترد اليمين على الغُرَمَاء؟.
قلت: وإنما بنينا على القَوْلَيْن في هذه، ولم يعكس؛ لأنّ حقّها آكد وأقوى من حق الغرماء؛ بدليل أن لها الدعوى - على المذهب - سواء قلنا: إنها تقسم أم لا، ولو وقع نكول حلِّفت، والأصحّ أنه ليس للغرماء الدعوى، سواء قلنا: يحلفون أم لا.
قال: والقولان في مسألة الغُرَمَاءَ مَبْنِيَّان على قولين فيما إذا مات وعليه دين، وأقام الوارث شاهدًا واحدًا على دين مورثه على إنسان، ونكل عن اليمين، هل ترد على الغريم؟
قال الرَّافعي: وهذه مسألة طويلة طولها الشيخ، قال: وقد يقال: بناء الوجهين في مسألة على قولين في أخرى معهود، فأما بناء قولين في مسألة على قولين، ووجهين على وجهين، فلا يكاد يترجّح على عكسه.
قلت: وإنما لا يكاد يترجّح إذا فرض التساوي من كل وجه، وأما مع ما أبديناه فيرجّح.
وإذا عرفت هذا فاعرضه على كل مباني تَكَاثرت، فإن وضح معنى فقهي كما قلناه في هذا المثال، فهو الغاية القُصْوى، وإلا فاعلم أن له سببين:
أحدهما: أن يكون الناظر قد تردّد في فرع بعد شدة الاجتهاد على رأس، ثم عرض له