للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقال الكَرْخِي: إن كانت جملة المستثنى منصوصة أو مجمعًا عليها، أو موافقة لبعض الأصول جاز القياس، وإلا فلا.

وللإمام الرَّازي تفصيل، حاصله: أنه يطلب التَّرْجيح بينه وبين غيره، وقد بسطنا هذا الكلام في "التَّعْليقة" بسطًا وافيًا.

ومن أمثلة المستثنى لمعنى: تجويز بيع الرُّطَب بالتَّمْرِ في العَرَايا، فإنه على خلاف قاعدة الربويات - عندنا - واقتطع عنها لحاجة المَحَاويج، وذلك ثابت في حديث زيد بن ثَابتٍ في أناس مَحَاويج شَكوا إلى رسول الله أن الرطب يأتي ولا نَقْد بأيَديهم يبتاعون به رطبًا يأكلونه مع الناس، وعندهم فضول تَمْرٍ من قُوتِهِمْ من التمر "فرخص لهم رسول الله أن يبتاعوا العَرَايا بِخَرْصِها من التمر الذي في أيديهم، ثم يأكلونها رطبًا" (١).

قال أصحابنا: والعنب بالزبيب كالتمر، ثم اختلفوا على وجهين حكاهما المَاوَرْدِي:

أحدهما - وعليه ابن أبي هريرة -: أنه قياس.

والثاني - وعليه المحاملي وابن الصباغ -: أنه بالنَّص؛ لأن زيدًا روى أنه أَرْخَصَ في العَرَايا، والعَرَايا: بيع الرطب بالتمر، والعنب بالزبيب.

والصحيح اشتراك الأَغْنِيَاء والفقراء في العَرَايا.

وقيل: يختص بالفقراء، فإن صح ورود الحديث في المَحَاويج، فما إلحاق الأغنياء بهم إلا بالقياس.

واختلف أصحابنا في بيع الرّطب على النَّحْل بالرطب على الأرض، والصحيح لا يجوز مطلقًا.

والئاني: يجوز، وعلى هذا هو بالقياس.

والثالث: الفرق بين النوع الواحد، فيمتنع فيه، والأنواع فلا، ومنهم من أجرى


(١) أخرجه البخاري (٤/ ٤٤٩) كتاب البيوع، باب بيع المزابنة (٢١٨٨)، ومسلم، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا (٦٠/ ١٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>