الآمدي، وسمي هذا النَّوع من القياس بـ"القياس المركب"، والصَّحيح: أن المركّب أخصّ منه، وهو: أن يكون الحكم متفقًا عليه بين الخصمين، لكن لعلّتين مختلفتين، أو لعلّة يمنع الخصم وجودها في الأصل، وعلى هذا جرى الآمدي والمصنّف - فقال:
"وهو: أن يستغني" المستدل "بموافقة الخَصْم في الأصل"، إما "مع منعه علة الأصل، أو "موافقته عليها، ولكن مع "منعه وجودها في الأصل، فالأول" يقال له: "مركّب الأصل"، وهو:"مثل" قول الشَّافعي - فيما إذا قتل الحُرّ عبدًا -: المقتول "عبد، فلا يقتل به الحر، كالمُكَاتب" إذا قتل وترك وفاء، ووارثًا مع المولى.
فإن أبا حنيفة يقول هنا: لا قِصَاصَ، فيلحق العبد به - هنا - بجامع الرِّقّ، فالشافعي لا يحتاج إلى إِقامة الدليل على عدم القِصَاص في هذه الصورة؛ لموافقة خصمه، "فيقول الحنفي "ناقضًا عليه ما جعله الشَّافعي علة - وهو الرق -: "العلّة جَهَالة المستحق من السيد والورثة".
قالت الحنفية: والسيد والورثة وإن اجتمعوا في هذه الحالة على طلب القِصَاصِ لا يزول الاشْتِبَاه؛ لاختلاف الصَّحابة في مكاتب يموت عن وفاء.
قال بعضهم: يموت عبدًا، فتبطل الكتابة.
وقال بعضهم: يؤدّي بدل الكتابة من اكتسابه، ويحكم بِعِتْقِهِ في آخر جزء من حياته، فقد اشتبه الولي مع هذا الاختلاف، فامتنع القصاص.
فإِن اعترض عليهم: بأنكم لا بد أن تحكموا - في هذه الحالة - بأحد هذين القولين، إما بموته عبدًا، أو حرًّا، وأيًّا ما كان، فالمستحقّ معلوم.
قالوا: نحن نحكم بموته حرًّا، بمعنى: أنه يورث، لا بمعنى: وجوب القصاص على قاتله الحرّ؛ لأن حكمنا بموته حرًّا ظنّي؛ لاختلاف الصَّحَابة، والقصاص ينتفي بالشُّبْهَة، وهذه جهالة تصلح دارئة للقصاص، ولا يمتنع علمنا بمستحق الإرث المالي.