هذا تقرير هذا المثال، فاعتمده واجتنب تقرير الشَّارحين، وحاصل أمر الحنفية أنهم أوجبوا القِصَاص على حُرّ قتل عبدًا، ولم يوجبوه على حر قتل حرًّا، وهو المكاتب الذي ترك وفاء، فإنه عندهم يموت حرًّا، ولا يقتل قاتله، وتمام قول الحنفي: إنه إذا عرفت أن العلّة عندي الجَهَالة، "فإن صحت، بطل الإلحاق"؛ لعدم المشاركة في العلّة، "وإن بطلت منعت حكم الأصل".
وقلت: يقتل الحُرّ بهذا المكاتب لعدم المانع، "فما ينفك" الحنفي في هذه الصورة "عن عدم العلّة في الفرع" على تقدير كونها الجهالة، "أو منع" الحكم في "الأصل" على تقدير أنها الرّق، فلا يتمّ القياس على التقديرين.
الشرح:"الثاني" يقال له: "مركب الوصف"، وسمي بذلك لكونه خلافًا في نفس الوصف، "مثل: تعليق الطلاق، فلا يصح فقبل النكاح، كما لو قال: زينب التي أتزوجها طالق، فيقول الحنفي: العلة" الموجبة للوقوع في الفرع "عندي" هي التعليق، وهي "مفقودة في الأصل".
فإن قوله: زينب التي أتزوجها طالقٌ، تنجيزٌ لا تعليقٌ؛ فإما أن يصح عدم التعليق في الأصل، أو لا يصح.
"فإن صح، بطل الإلحاق"؛ إذ لا يلحق تنجيز بتعليق؛ لعدم الجامع، "وإلا منع حكم الأصل"، وهو عدم الوقوع في قوله: زينب التي أتزوجها طالق؛ لأني إنما منعت الوقوع؛ لأنه تنجيز، فلو كان تعليقًا، لقلت به، "فما ينفك عن" عدم العلّة في الأصل، أو "منع الأصل".
واعلم أن كل موضع يستدلّ فيه باتفاق الطَّرفين، يتأتى فيه أنه ذو قياس مركّب؛ فإن الخصم لا يعجز عن إظهار قَيْد يختص بالأصل، ويدعي أن ذلك هو العلة عنده، ولا سبيل لك إلى دفعه بالدليل على أن علتك هي العلة عنده، بل لو قال: علّتي غير ذلك، ولم يعينها، سمع منه، فإذن طريق ثبوت ذلك هو اعترافه.