به، إِلا بشرط التَّرْجيح، ولو لم يكن الحكم معللًا بالقاصرة، لزم تعدية الحُكْم بالمتعدية من غير شريطة، فكان المنع من القياس في هذه الصورة إِنما جاء من التعليل بالقاصرة، لي هذا كله أشار بقوله "وإذا قدر وصف آخر متعدّ، لم يعد إِلا بدليل" دالّ "على استقلاله" بالعلّية، وأن القاصرة منتفية، بخلاف ما إِذا لم تكن القاصرة، فَأَنى يعدّى الحكم بمجرد وجدان الوصف المناسب المتعدّى، من غير افتقار إِلى دلالة دليل على استقلاله؟
فإن قلت: هذا إِنما يلزم لو جاز التعليل بالقاصرة مع وجود المتعدية، وهو ممنوع؛ فإان التعليل بالقاصرة - عند من يراه - مشروط بانتفاء المتعدية.
قلت: لا نسلّم ذلك، وكلام أصحابنا كالصَّريح في جواز اجتماع القاصرة والمتعدية، وإليه أشار ابن السَّمْعَاني وغيره، ولو كان مشروطًا بذلك، لما تصور وقوع التعارض بينهما؛ إِذ هو فرع اجتماعهما.
وقد اختلف أصحابنا فيما إذا وقع التعارض بينهما.
فقيل: ترجح المتعدية، وقيل: القاصرة.
وقيل بالوقف.
فإن قلت: الجمهور على رُجْحَان المتعدية، فينبغي إِذا وجد وصف مناسب متعدّ، يحكم به من غير افتقار إِلى دلالة دليل على استقلاله، وحينئذ تنتفي الفائدة التي ذكرتموها في القَاصِرَةِ.
قلت (١): إنما ترجح المتعدية على القاصرة إِذا تساويا من كل وجه، إِلا وجهي القصور والتعدّي.
أما لو ترجحت القاصرة بإجماع عليها أو غيره، فهي أرجح، فالفائدة باقيةٌ، وقد تترجّح القاصرة بوجه يقابل وجه التعدّى، فيتعادلان، فتكون الفائدة الوقف، ومنع المتعدية من التعدي.
ومنها: أنها تزيد النص قوة ويتعاضدان. ذكرها القاضي أبو بكر، قال: وكذلك سبيل كل دليلين اجتمعا في مسألة، فالفائدة اجتماع دليلين، ويكون الحكم ثابتًا بالعلّة والنص جميعًا.