للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُدَّ بِجَرَيَانِهِ فِي الْقَاصِرَةِ بِنَصٍّ، وَبِأَنَّ النَّصَّ دَلِيلُ الدَّلِيلِ، وَبِأَنَّ الْفَائِدَةَ مَعْرِفَةُ الْبَاعِثِ الْمُنَاسِبِ؛ فَيَكُونُ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ، أَوْ إِذَا قُدِّرَ وَصْف آخَرُ مُتَعدٍّ، لَمْ يتَعَدَّ إِلَّا بِدَلِيل عَلَى اسْتِقْلالِهِ.

عملًا، لا في الأصل ولا في الفرع، وذلك ظاهر، "والحكم في الأصل" ثابت "بغيرها، ولا فرع"؛ إِذ هي قاصرة، فلا فائدة.

"وردّ" بوجوه أربعة:

الشرح: "بجريانه في القاصرة بنص" أو إِجماع، مع جوازه اتفاقًا، فلو صح ما ذكروه، كان النص عليها [عَبَثًا] (١)، وإجماع الأمة عليها خطأ؛ فإِنها لو لم تكن حقًّا، لما أجمعت الأمة عليها.

"وبأن النَّص دليل الدليل"، فإنه دليل العلّة، والعلة دليل الحكم، فإذن الحكم [في الأصل] (٢) ثابت بالعلة، فقولهم: إِنه ثابت بالنص لا بالعلّة، لا يستقيم، وسيتضح هذا - إِن شاء الله تعالى - عند قول الشافعية: حكم الأصل بالعلة.

"وبأن الفائدة" غير منحصرة فيما ذكرتم من إِثبات الحكم بها، بل ثمَّ فوائد: منها: "معرفة الباعث المناسب" للحكم، "فيكون أدعى إلى المقبول" والانقياد مما لا يعقل له معنى، ولو سلّمنا أنه لا يكون أَدْعَى إلى القبول، إِلا أن مجرد الاطلاع على الباعث إِحاطة بعلم كنا غافلين عنه، وهو فائدة، وخرج بهذا قول أبي زَيْدٍ: إنها لا تفيد علمًا.

فإن قلت: هذا ظنّ لا يقين.

قلت: سيبحث عن ذلك.

ومنها: أنها تفيد منع حمل الفرع على الأصل، كما أن المتعدية تفيد إثبات الحمل؛ لأنا إذا علمنا أنها قاصرة منعنا القياس.

فإن قلت: هذه الفائدة حاصلة بألا نجد الحكم معللًا بمتعدية، سواء وجدناه معللًا بقاصرة، أو غير معلل أصلًا.

قلت: بتقدير أن يوجد في الأصل وصف مناسب للحكم متعد، يمتنع تعدية الحكم


(١) في أ، ج: عينًا.
(٢) في أ: بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>