للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ: بِأنَّهُ دَوْرُ مَعِيَّةٍ.

وَالْحَقُّ: أَنَّ اسْتِمْرَارَ الظَنِّ بِكَوْنِهَا أَمَارَةً يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَانِعِ أَوْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ، وَهُمَا عَلَى ظُهُورِ كَوْنِهَا أَمَارَةً.

الشرح: "وأجيب: بأنه دور معيّة"، فلا يمنع، وليس بجيّد؛ إِذ لا تعلم علّيتها على هذا التقدير إلا بثبوت الحكم بها في جميع صوَرِ وجوده، وهو الاقتران، فلو علم ثبوت الحكم بها، كان دور التقدم الممتنع قطعًا؛ إذ ما به الشيء يعلم قبل العلم بالشيء.

والحقّ في الجواب: أن الدليل إِذا دل على علّية الوصف، لم يفتقر إِلى التتبع في الصور، بل يثبت ابتداء عند قيام المُنَاسبة أو غيرها من أدلة العلم، والوقوف على التخلف وعدمه يقع في أثناء العلّة، ففرق بين ابتدائها ودوامها، وإليه أشار بقوله: "والحق: أن" الدور غير لازِم؛ لأن "استمرار الظّن بكونها أمارةَ" على الحكم "يتوقف على" ثبوت "المانع" في صورة التخلف، ليقوم عُذْر التخلف؛ وإلا فلِم تخلف الحكم؟.

"أو" يتوّقف على "ثبوت الحكم" في الصورة، "وهما" أعني: كلا من ثبوت المانع على تقدير التخلّف، وثبوت الحكم على تقدير عدمه متوقفان "على ظهور كونها أمارة"، فلا دور، وقد مضى مثله.

هذا شرح ما في الكتاب، وقد أعلمناك أن الحق عندنا أن النقض قادح مطلقًا، وعُمْدَتُنَا وجوه:

أولها: وهو المعتمد، ما ذكره في الكتاب عن أبي الحُسَين، ولنقرره على وجه أبسط من الأول، فنقول: العلّة معرف الحكم، وتخصيصها يمنع من كونها معرفًا في ذلك المخصّص، وإذا لم تكن معرفًا فيه، لم تكن علّة له، وإذا لم تكن علة له، كان إِطلاق القول بأنها علة على وجه التعميم في كل الصور غير سديدٍ، فمن قال مثلًا: علة تحريم بيع الذَّهَبِ متفاضلًا الوزن، ثم جوز بيع الرّصَاص بالرصاص مع وجود الوَزْن، قيل له: أَبِنَصٍّ قلت ذلك، أم بعلة هي أقوى من علة تحريم بيع الذهب بالذهب؟.

فإن قال: بعلة، ثم بيّن وجه قياس الرصاص على أصل مُبَاح بيع بعضه ببعض، فيقول: ليس العلّة حينئذ في الذهب مجرّد الوزن، بل الوزن مع عدم ذلك الوصف المَجْعُول

<<  <  ج: ص:  >  >>