إِذ من الجائز أن يكون القَدْر الموجود في محلّ النقض أقلّ من القدر الموجود في الأصل، وعلى تقدير المُسَاواة لا يلزم وجود الحكم.
"ولعله" أي: تخلف الحكم "لمعارض"، فيكون وجود قدر الحكمة المُسَاوية لحكمة الأصلِ في محل النقض بدون معارض مظنونًا، "والعلة في الأصل موجودة قطعًا، فلا يعارض الظن القطع، حتى لو قدرنا وجود قدر الحِكْمَةِ، أو أكثر قطعًا.
وإن بعد" هذا التقدير "أبطل" العلة "إِلا أن يثبت حكم آخر أَلْيَق بها" أي: بصورة النقض "كما لو علل القَطْع" في السّرقة "بحكمة الزَّجر، فيعترض بالقَتْل العمد العدوان"، ويقال: ينبغي أن يجب فيه القطع - أيضًا - "فإن الحكمة" فيه "أزيد لو قطع"، ومع ذلك لا يقطع القاتل عمدًا.
فنقول: ثبت حكم أليق بها"، أي: بصورة النقض "يحصل به" المقصود، "وزيادة، وهو القتل"، فإنه يحصل به إبطال اليد وما عداها.
هذا كلام المصنّف في الكسر، وهو متدافع؛ لأنه عَرّفه أولًا: بتخلّف الحكم عن الحكمة، ثم قال: إن قدر الحكمة المُسَاوية في محل النقض مظنون، وهذا الظّن إِما أن يعتبر أو لا، إن لم يعتبر - فحينئذ - لم يتخلف الحكم عن الحكمة، ولم يوجد الكسر، فقولكم: الكسر لا يبطل العلية ساقط؛ لأن الذي لا يبطل ليس الكسر - على ما ذكرت - وإن اعتبر فقد تخلف.
وقد قلتم - آخرًا: نعم إن تحقّق التخلّف أبطل، ولا نعني بالكسر إلا ما تحقق فيه التخلّف، أو نعطي المَظْنُون حكم المتحقّق.
وعليه ينبني قولكم أولًا: الكسر تخلّف الحكم عن الحكمة، فقد لاح بهذا أن تخلّف الحكم عن الحكمة إِذا جوّز التعليل بها كتخلفه عن العلّة، فلنعترض على المذاهب السَّابقة