والحاصل: أن تخلّف الحكم عن الحكمة كالنَّقض، وظنّ التخلّف غيره، إِن لم يعط حكمه، ومُسَاو له إن أعطي، فليس لابن الحَاجِبِ أن يورده على التقديرين. هذا الكسر على مصطلح الآمِدِيّ والمصنف.
وقال الأكثرون من الأصوليين والجَدَليين: الكسر عبارة عن إِسقاط وَصْف من أوصاف العلّة المركبة، وإخراجه عن الاعتبار.
وقال الشيخ أبو إسحاق في "الملخّص": وهو سؤال مَلِيحٌ، والاشتغال به ينتهي إِلى ببان الفِقْهِ، وتصحيح العلّة، وقد اتّفق أكثر أهل العِلْمِ على صحته، وإفساد العلة به، ويسمونه النَّقْض من طريق المَعْنَى، والإِلزام من طريق الفقه، وأنكر ذلك طائفة من الخُرَاسانيين.
وللكسر صورتان:
إحداهما: أن يبدل ذلك الوصف الخاصّ بوصف عام، ثم ينقضه عليه.
والثانية: ألا يفعل ذلك، بل يعرض عن ذلك الَّذِي أسقطه بالكلية، ويذكر صورة النقض، وله أمثلة:
منها: أن يقول شافعي في إِثبات صلاة الخَوْف: صلاة يجب قَضَاؤها، فيجب أَدَاؤها، كصلاة الأَمْن.
فيقول المعترض: خصوص كونها صلاة مُلْغى لا أثر له؛ لأن الحَجّ كذلك، فلم يَبْقَ إلا الوصف العام، وهو كونها عبادة، وينقضه، فهذا كسر، ثم هو بالخيرة بين أمرين:
إما أن يأتي بكَسْره على الصورة الأولى، فيلزمه التعليل بكونه عبادة، ويقول: كأنك قد قلت: عبادة، إِلى آخر ما ذكرت، ويلزمك صوم الحَائضِ، فإنه عبادة يجب قضاؤها، ولا يجب أداؤها، بل يحرم.
وأما على الصُّورة الثانية، فنقول: إذا سقط وصف الصَّلاة الذي هو أحد أوصاف