للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْعَكْس، وَهُوَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لاِنْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، فَاشْتِرَاطُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنعِ تَعْلِيلِ الحُكْمِ بِعِلّتينِ؛ لاِنْتِفَاءِ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ دَلِيلِهِ.

ونحن نقول: الكَسر هو أن تبيّن … إلي آخر ما ذكرت، فهو إِذن نقض، وإليه يرشد قولك فيما بعد: الكسر نقض المعنى، فلا خلاف بيننا وبين المصنف.

والحاصل: أنه لا يقدح في العلية إِذا أتى به على غير وَجْهِهِ، ويسمى - إِذ ذاك - بـ "النقض المكسور"، كما زعم المصنّف والآمدي، والكلام معهما في شيئين:

أحدهما: أنه إذا لم يقدح؛ لأنه لم يأت به على وَجْهِهِ، وكل اعتراض هكذا، ولا اختصاص للكسر بذلك.

والثاني: أَنَّهُمَا سمياه بـ "النقض المَكْسور"، وهو اسم لا يعرفه الجَدَليون، فإنهم لا يعرفون إِلا الكَسْر، وهو عبارة عن أن يبين عدم التأثير، فإن مشى المصنّف على مصطلحهم - وإليهم المرجع في ذلك - فلا حَاجَةَ إِلى قوله: فإن بين .. إلخ، فإنه ليس المعنى به إِلا أن يبين.

وذكر الآمدي: [أنَّ الأكثرين على أن الكَسْر لا يقدح، وليس كذلك، فقد نقل الشيخ أبو إسحاق] [على] (١) أنّ الأكثر على أنه قادح، ونحن قد بَيّنا أنه قد نقض، فالكلام فيه كالكلام في النقض سواء بسواء.

والشيخ الهِنْدِيّ قال: الكسر: نقض يرد على بعض أوصاف العلّة، وذلك هو ما عَبَّر عنه الآمدي بـ "النقض المكسور".

ثم قال: - أعني الهِنْدي -: وهو مردودٌ عند الجماهير، إِلا إذا بين الخصم إلغاء القيد، ونحن لا نعني بالكسر إلا إذا بيّن.

أما إِذا لم يبين، فلا خلاف في أنه مَرْدُود، كيف وهو كلام غير موجه؟ "، وكلّ ما كان كذلك فهو رد على قائله.

الشرح: "وأما العكس" في العِلَلِ فيطلق باعتبارين (٢):


(١) سقط في ب.
(٢) والخلاف يلتفت على جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين، فإن منعناه واشترطنا الاتحاد فالعكس لازم؛ لأن الحكم لا بد له من علة، وإن جوزناه وكانت له علل، فلا يلزم انتفاء الحكم عند انتفاء بعضها بل عند انتفاء جميعها.=

<<  <  ج: ص:  >  >>