للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَعْني انْتِفَاءَ الْعِلْمِ أَو الظَّنِّ؛ لأِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاء الدَّلِيلِ عَلَى الصَّانِعِ انْتِفَاؤُه.

الأول: مثل قول الحَنَفِي: لما لم يجب القَتْل بصغير المُثَقّل، لم يجب بِكَبِيرِهِ؛ بدليل عكسه، فإنه لما وجب بكبير [الجَارحِ] (١)، وجب بصغيره.

والثاني: "وهو" المراد هنا "انتفاء الحكم لانتفاء العلّة".

أما الأول فلا يشترط في العلّة اتفاقًا؛ إذ لا مانع من ورود الشَّارع بوجوب القِصَاصِ بكلّ [جارح] (٢)، وأن تخصيص وجوبه في المُثَقّل بالكبير منه.

وأما الثاني "فاشتراطه مبني" كما ذكر القاضي أبو بكر والجَمَاهير "على منع تعليل الحكم بعلّتين"، فمانع التعليل بعلتين يشترطه؛ لأنه - حينئذ - لا يكون للحكم إلا دليل واحد، فينتفي عند انتفاء العلة "لانتفاء الحكم عند انتفاء دليله.

ونعني" بانتفاء الحُكم: "انتفاء العلم أو الظَّن" به، لا انتفاء نفس الحكم؛ "لأنه لا يلزم من انتفاء الدَّليل على الصَّانع انتفاؤه"، بل انتفاء العِلْم به فقط.

قال إِمام الحرمين في "التَّدريس": ثم الذَّين اشترطوا العَكس اختلفوا، فمنهم من قال: لا بد من عكس على العموم، كما شرطنا الاطِّراد عمومًا.

وقال الأستاذ أبو إسْحَاق: يكتفي بالعكس ولو في صورة واحدة.


= وقد ذكَر الغزالي هذا التفصيل، وجعله مذهبًا له في المسألة.
وقال صاحب الفائق: لا ينبغي أن يقع فيما ذكر خلاف. ينظر: سلاسل الذهب ٣٨٩ - ٣٩٠، والبرهان ٢/ ٨٤٢، والمحصول ٢/ ٣٥٥، والإبهاج ٣/ ١١٩، والمستصفى (٢/ ٣٤٤)، والمنخول (٤١١)، وروضة الناظر (١٧٨)، وجمع الجوامع ٢/ ٣٠٣، والإحكام للآمدي (٣/ ٢١٦)، وتيسير التحرير ٤/ ٢٢، ١٥٣.
(١) في أ، ب، ت: الخارج.
(٢) في ب، ت: خارج.

<<  <  ج: ص:  >  >>