. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
واعلم أنه ليس في باب القياس أشكل من الكلام على التَّعليل بعلّتين، ونحن نتوسّط في إِيراده، فلا نُسْهب ولا نوجز، بل نأتي بما فيه مَقْنع وبلاغ، ونتوخّى طريق الحقّ على ما يظهر لنا، والله المستعان.
فنقول: يجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا، كتعليل إباحة قتل زيد بِرِدَّته، وعمرو بالقِصَاصِ، وخالد بالزنا بعد الإِحصان، فلا يقع على صفة خاصّة وهي الرَّجْم، ولا عبرة بإِيماء من أَوْمَأَ إِلى جريان الخلاف هنا، وهذا في العِلَلِ الشرعية.
أما العقلية، فلأهل الكلام خلافٌ في ذلك، وهذا كله في الواحد بالنوع، أما الواحد بالشخص، فلا خلاف في امتناع تعليله بعلل عَقْلية.
وأما بعلل شرعية - وهو مسألة الكتاب - وذلك كتحريم المحرمة الحائض.
وزاد إِمام الحَرَمَيْنِ في كلّ من "مختصر التقريب" و"البرهان " و"التدريس": الصَّائمة، وعبارته في "مختصر التقريب": وذلك كمثل المرأة يجتمع فيها الإِحرام والحَيْض والصوم.
وقيل: إِن ذلك سهو؛ لاستحالة مُجَامعة الصوم شرعًا للحَيْض، ويحتمل أن يريد أن المَرْأة قد يجتمع فيها وَصْفان، وتَعْتورها حالتان، مُقْتضيتان للتحريم، إما إحرام وحيض، أو إَحرام وصوم.
ولذلك قال في "البرهان": مثل تحريم المرأة الواحدة بعلّة الحَيْض والإِحرام والصيام والصلاة.
فمراده: اجتماع وَصْفين، وذلك كالصِّيَام مع الصلاة، أو إلإِحرام مع الحَيْضِ، ونحو ذلك، لا أن الأربعة تجتمع، وكذا إِباحة قتل الشَّخص الواحد بردّته، وقتله الموجب للقصاص.
ورأى الغَزَالي أن يمثل بمن لمس ومَسّ وبال في وقتٍ واحد، ومن أرضعتها زوجة أخيك وأختك - أيضًا - أو جمع لبنهما وانتهى إِلى حلق المُرْضع في لحظة واحدة.
ولم يختر التمثيل باجتماع رضاع ونسب، قال: لئلا يقال: ترجّح النسب لقوته أو ردّة وحيض.
قال: لئلا يتوهّم - هنا - تعدّد التحريمات، أو قتل وردة، قال: لئلا يقال: المستحق