قتلان، أو قتل شَخْصَين، أو باع حرًّا بشرط خيار مَجْهول، قال: لئلا يقال: عليه البُطْلان الحُريّة دون الخيار، قال: وهذه أَوْهَام ربّما تنقدح في بعض المواضع، قال: وإنما فرضناه في اللَّمْس والمَسّ والخُؤُولة والعُمُومة؛ لدفع هذه الخَيَالات (١).
هذا كلام الغزالي ظنًّا منه أن ما مثل به واضح في اجتماع علّتين شرعيتين، وسنتكلم معه إِذا انتهينا إِلى الحِجَاجِ.
إذا عرفت هذا، ففي المسألة مذاهب:
أحدها: جواز التَّعْليل بعلّتين مطلقًا، ووقوعه، وهو رأي الجماهير، منهم: القاضي كما نص عليه في "التقريب" وفي "مختصره" أيضًا.
والثاني: المنع مطلقًا، واختاره الآمِدِي، ونقله عن القاضي وإمام الحرمين.
والثالث: أنه يجوز في المَنْصُوصة دون المستنبطة، وهو رأي الأستاذ أبي بكر بن فورك، واختيار الإِمام وأتباعه، وإليه يرشد كلام الغزالي في "المُسْتَصفى"، وإن كان أطلق تصحيح الجَوَاز في صدر المسألة إطلاقًا، ولذلك أطلق في "الوسيط" عند الكلام في زوائد المبيع، ونقله في الكتاب عن القَاضِي، ولعل ذلك مأخوذ من إِمام الحرمين، فإنه قال في "البرهان: إن للقاضي إِليه صفوًا ظاهرًا في "التقريب"، ولعلّه يريد "التَّقريب الكبير"، وأما "التقريب" الذي وقفنا عليه، فليس فيه إِلا ما ذكرناه، فحصلنا على ثلاثة آراء منقولةٍ عن القاضي.
والرَّابع: عكسه، حكاه المصنّف، ولم أره لغيره، وسبق له في النَّقض نظيره.
والخامس: ونقله في الكتاب عن إِمام الحرمين: أنه جائز غير واقعٍ، وكلام المصنف بعد ذلك صريح في أن المراد بالجواز: الجَوَاز العَقْلي، وأن إِمام الحرمين يقول بامتناعه حيث يقول: لو لم يكن ممتنعًا شرعًا، لوقع، ولو نادرًا - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - وهو نقل صَحِيح، بخلاف ما نقله الآمِدِيّ عنه؛ لأنه قال في "البُرْهَان: ليس ممتنعًا عقلًا وتسويغًا، ونظرًا إِلى المصالح الكلية، ولكنه ممتنع شرعًا.
وإذا عرفت هذه المذاهب، فهل هي جارية في التعليل بعلّتين، سواء كانتا متعاقبتين أم معًا، أو هو مختص بالمعية؟