للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: لَوْ لَمْ تَكُنْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِلَّةً، لَكَانَتْ جُزْءًا، أَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً، وَالأَوَّلُ بَاطِلٌ؛ لِثُبُوتِ الاِسْتِقْلالِ.

وَالثَّانِي: لِلتَّحَكُّمِ.

وَأَيْضًا: لامْتَنَعَ اجْتِمَاعُ الأَدِلَّةِ.

الاستدلال على وقوع التعليل بعلّتين، فإِذا انتهض له ذلك، ثبت أنها إِذا اجتمعت علل مستقلةٌ بالمعنى الذي فسّر به الاستقلال، من أنها إِذا انفردت استقلت، سواء أكان ما فسر به الاستقلال صحيحًا أم فاسدًا.

وإِنما قلنا: إِن ذلك يثبته أصل الوقوع، كما قلناه من اتفاق القائلين بأصل الوقوع على أنها إِذا اجتمعت فهي مستقلة، أو لأن الخلاف مخصوص بحالة الاجتماع، وقد ذكر وجهين:

الشرح: أحدهما: ما أشار بقوله: "لنا: لو لم تكن علّة، لكانت جزءًا، أو كانت العلة واحدة"؛ إِذ لا قائل بغير ذلك، "والأول باطل؛ لثبوت الاستقلال"، ولو كانت جزءًا لم تكن مستقلة.

الشرح: والثَّاني - أيضًا - باطل، للتحكم؛ إِذ لا أولوية لإِحداهما على الأخرى.

ولقائل أن يقول: ليس الأول باطلًا بما ذكرت؛ لأنَّ الاستقلال إِنما هو حالة الانفراد، ولا الثاني؛ لأن التحكم إِنما يلزم أن لو قضينا على واحد بعينه.

أما إِذا قضينا على أحدهما، لا بعينه فلا؛ إِذ هو وصف صالح لهما.

فإِن قلت: متى قضينا على أحدهما، فقد دفعنا أحدهما مع الاستواء.

قلت: دفعنا أحدهما لمُعَارضة صاحبه، ولكنا لا نعرف أقواها حتى نعرف عين الدَّافع من المدفوع، فجعلنا محلّ القضاء مبهمًا.

واعلم أن القائل بأن العلّة أحدهما لا بعينه، فرّ من التحكم كما سيأتي، فلو كان يلزمه التحكم، لكان وقع فيما فَرَّ منه.

الشرح: والثاني: ما أشار إِليه بقوله: "وأيضًا"، لو لم تكن كلّ واحدة علّة عند

<<  <  ج: ص:  >  >>