مِن ازدِحام عِلَّتَيْن في هذه الصُّورةِ إحداهما: قطع المالية بالكُلِّيَّةِ، والثَّانِيَةُ: قطع الحقِّ المُرْتَهنِ من العَيْنِ المخصوصةِ، فيكون امتِناع النُفُوذِ معلَّلًا بِعِلَّتَيْن: عِلةٌ خاصَّةٌ، وهي قطع المالية، وأخرى عامَّةٌ، وهي قطعُ الحقِّ من عَيْنِ العبد؛ فإنَّ هذا مما يعمُّ الموسِرَ والمُعْسِرَ؛ وإنَّما سُقْنا هذا الكلام مع فوائد حجَّة فيه لهذا الغَرَضِ، ونحن نَقُولُ: هذا ليسَ بِشَيْءٍ؛ فإنَّ المالِيَّةَ ليست مَرْعِيَّةً في حقِّ المُرْتهن، وإنَّما المُعْتَبر اختِصَاصُ استِحْقَاقِ اسْتيثاقِهِ بعينٍ يتمسَّك بها، إِذا اعترض له توقُفَات العسْرِ في الدين الذي يقع في الذِّمَّةِ، هو بابٌ مسْتَوفٍ بالعَيْن الَّتِي استمسك بها، وهذا غَرَضُ الرَّهن، وإذا لم يكن الراهن مطالبًا بالدين فقد خرج عن مقصود الرهن ولهذا السّر لا يجوز رهْنُ الدِّيْن، نعم لو فرض من الرَّاهِن إِتْلاف الرَّهْن فالشَرْع يتقاضاه أن يقيم قيمته مقامه؛ إِذْ مسلَكُ الشَّرع إثباتُ الضَّمان جُبْرانًا لكل فائِتٍ، فلا ينبغي أن نعُدَّ قضايا الشَّرع في مظانِّ الضَّرورات من القضايا الوضعيَّة في تأسيس الأصول. "انتهى"، ومرادهُ أن العلَّة واحدةٌ، وهي قطعُ المُرتهن عن عين المرهون، ولا أثر للماليَّةِ عنده، وإِتما المعتبرُ حقّ التَّعيين، ولذلك يثبتُ استحقاقُ الاختصاصِ بالعين المقبوضة عند طريان العسر على الدَّين الواقع في الذمة حتى لو قال الغرماء، لا نفسخ لتقدُّمك بالثَّمنِ لم تلزمه الإِجابة، بل له الفسخُ والرُّجوع إلى عين ماله والحالةُ هذه على أصحِّ الوجهين، والثاني لا، وبه قال مالك ﵀ جريًا على أصله في النَّظر إِلى معنى الماليَّة، قال: ولو رجعتِ المطالبَةُ في الرَّهْنِ على الذِّمَّةِ، لفات مقصود الوثيقة؛ إِذِ المقصودُ منها استخلاص الحقِّ من غير المرهونِ عند تَعَذُّرِ الوفاء، قال: ولهذا السِّرِّ لا يجوزُ رهنُ الدّين: أي على أَصَحِّ الوجهين. وقوله: نعم … إلخ". جواب عن سؤال مُقدَّر كأن قائلًا يقولُ له: إِذا كنت تنظرُ إِلى عَيْنِ المرهون فقط، وتقطع النَّظَرَ عن معنى الماليَّةِ، فلماذا إذا أتلف الرَّاهن المرهون يلزم إِقامةُ قيمته مُقَامَهُ؟ وجوابه ما أشار إليه من أَنَّ القيمةَ في معنى البَدَلِ عن الأصل، فلا يجمع بين البَدَلِ والمُبَدلِ، والبدلُ هو الأصل، وهو قطع حقَ المرتهن من العين، فإِنَّهُ إِذَا حفظت العينُ عليه؛ ففي ذلك حفظ الماليَّةِ ضمنًا، وإِنَّما يعودُ إلى التَّمسُّك بالماليَّةِ عند فواتِ العَيْنِ، فرجع إلى البدل جَبْرًا للغائب، ولا يصحُّ أَنْ يجمعَ بين الأصْلِ والبدل، ولذلك إِنَّا في الأَمْوَالِ