يعسر إِدخال شيءٍ من المنقولات في الصَّفْقَةِ، وإِنْ قلَّتْ قسمته، وكلُّ ما يحسم قاعدة أصلًا، وتطرق الضَّرَرُ إِلى النَّاس، فهو مردودٌ، والهِبَةُ وإنْ كانت تقطعُ الشُّفُعَةَ فهي نادرة، ولا تسمحُ بها النُّفُوس، ولو سقطت الشُّفْعَةُ بضمِّ منقولٍ إِلى العقار لما اندفع ضرر يتداخل، ولما ثبتت الشُّفْعَةُ أَصلًا. انتهى كلام الإِمام، فلا معنى لإيرَادِ الرَّافعي عليه سؤالًا قد أورده هو، وأَجَابَ عنه، وَأمَّا ابنُ الرِّفْعَةِ فاعترضَ على الإِمامِ في جعله العُمْدَةَ فِي التَّوْزِيعِ منسوبة إلى الأصحاب بأنَّهَا عمدة الشَّافِعِيِّ أيضًا، وعلمك محيطٌ بأنَّ هذا ليس اعتراضًا، فإِنَّ الإِمَامَ لم يدَّعِ أَنَّ الشافعي لم يعتمد على هذا، ولا يلزم من اعتماد الأصحاب إِيَّاهُ أَنَّ الشَّافعي لم يعتمده، بل الذي يظهر خلافه؛ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُم لا يطيقون على اعتماد أمر إلَّا والشَّافعى إليه رمز إن لم يكن قد صَرَّحَ به، وعبارةُ الشَافِعِيِّ ﵁ في الأُمِّ: وإنَّما كرهت هذا - يعني مَسْأَلة مدّ العجوة - من قِبَبِ أَنَّ الصَّفْقَةَ إِذَا جمعت وشيئين مختلفين، وكلُّ مَبِيعٍ بِحِصَّتِهِ من الثَّمَنِ. "انتهى"، وله نصوصٌ أخر كثيرةٌ متوافقة على هذا، وقد ساقها الشيْخُ الإِمَامُ ﵀ في تكملة "شَرْحِ المُهَذبِ"، وباللَّهِ العِصْمَة، وقد وَضَحَ بهذا أَنَّ كُلًّا من اعتراض الرَّافعي، وابن الرِّفْعَةِ على الإمام مدفوعٌ. نعم قول الإمام: إِنَّ طريقة التَّوزيع هي طريقةُ الأصحاب، قد ينازع فيه من قبل الأصحاب مختلفون، فمنهم من تعلَّقَ بحديث فضالةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وهو معروفٌ، ومنهم مَنْ تعلَّقَ بطريق التَّوزيع قال: قال الإِمامُ أَسْعَدُ الميهني: وقد نصَّ الشَافعيُّ على أَنَّ الصَّفْقَةَ إذا اشتملت على مالين مختلفي القيمة في أَحَدِ جانبيها؛ توزع ما يقابلُ المختلف القيمة على قدرِ قيمته مِنَ الثَّمَنِ، وَيُخَيَّرُ بين أَنْ يظهرَ الفضل، وأَنْ يجهل التَّماثل، والكُلُّ مُبْطِلٌ للعقد. قُلْتُ: وقد حكينا نصَّه، وله نصوصٌ أخرى، كثيرة كما ذكرناه، وقد أطلنا بما لا يتعلَّقُ بالغرض الَّذي كُنَّا فيه، وكان المقصودُ منه أَنَّ قضايا الشَّرْعِ في مظانِّ الضَّرُوراتِ لا تُعَدُّ من القضايا الوضعيَّةِ كما في التوزيعِ على رأي الإِمَامِ، فإِنَّهُ إِنَما يحتاج إليه وقتَ الضرُورَةِ، فلا ينبغي أَنْ تعدّ من القواعد الممهدة، واللهُ المستعان، وليس للمستدل أَنْ يستدلَّ بالتَّوزيع فيما إِذَا فرض استحقاق أو عيب في أحد المبيعين وَرَدَ حيثُ ينسب الثَّمَنُ ويرجع بالقيمة؛ فإِنَّ هذا أمرٌ ضَرُورِيٌّ دعت إليه الحاجة عند الاستحقاق، وكذلك الأخذُ بالشُّفْعَةِ، فلا يظنّ