انتهى كلامه في "لأَسالِيبِ"، وقد انتصرَ الرَّافِعِيُّ لطريقة الأصْحابِ فَقَالَ: لناصِرِيهَا أَنْ يقولوا: أَلَيْسَ قد ثبت التَّوْزِيعُ المنفصل في مسألة الشُّفْعَة، لولا كونه قضيّة العقد، لكان ضمُّ السَّيْفِ إِلى الشَّقْصِ من الأسباب الدَّافعة للشُفْعَةِ، فإِنَّها قد تندفع بعوارض، قال: وَأَمَّا قوله. إِنَّا تَعَبَّدْنا بتحقيق المُماثَلَةِ، فللخصم أَنْ يقولَ: تعبّدنا بتحقيق المُماثَلَةِ فيما إِذا تمحضت مقابلة شيْءٍ منها بجنسه، أم على الإِطْلاقِ؟ إِنْ قلنا بالثَّاني، فممنوع، وإِنْ قلنا بالأَوَّل، فمسلمٌ، لكنَّهُ ليس صورة المَسْألَةِ.
قال أبي ﵀ في "شرح المهذب"، والاعتراض الأَوَّلُ … حتَّى قال: وَأَمَّا الاعتراض الثَّاني فضعيف، ولا سيما في الَّذِي قرضه وهو إِذَا باع مُدًّا، ودرهمًا بمددّين؛ فإِنَّهُ يصحُّ في هذه الصُّورِ أَنَّهُ باع تمرًا بتمرٍ، لأن التَمْرَ الَّذِي مع الدّرهم مبيع قطعًا ولا مقابل له إِلَّا تمر، ومتى صدق أنَّهُ باع تمرًا بتمرٍ، وجبت المماثلة بالنَّصِّ، ولمحض المقابلة قيد لم يدّل عليه دليل. انتهى.
قلت: وعندي وقفةٌ في الموافقة على صِحَّةِ الاعتراض الأوَّلِ؛ إِذْ للإمام أَنْ يقولَ: لا يلزمُ من كون التوْزِيعِ ليس من قضيَّةِ العقد أَنْ يندفع العقد، واندفاعها بعوارض لا يقتضي اندفاعُهَا بهذا، ولِمَ قلتم: إِن هذا العارض مُسَاوٍ للعوارض الَّتِي بها تندفع الشُّفْعَة، وهذا والإمام في "الأساليب" ذكر اعتراض الرَّافعي بعينه، أجاب عنه حيثُ قال بعد أَنْ حكى عن الأصحاب: إِن التوزيعَ مقتضى العقد، واستدل عليه بما اشترى عقارًا مشفوعًا، وسيفًا بألفٍ … المسألة: فإنْ قالوا: ليس هذا التوْزيع مقتضى العقد، ولكن ألجأتْنَا إِلى تقديرها ضرورةُ الشُّفْعَةِ، ولا ضرورة بنا إلى التَّوزيع في صورةِ النِّزَاعِ، ثم قال الإِمَامُ: أَجاب الأَئِمَةُ عن هذا بأنْ قالوا: اجعلوا ضمُّ منقول إِلى العقار مسقطًا للشُّفُعَةِ؛ فإِن الشفعة تسقطُ بطرق، ثُمَّ قال: وما ذكره الأئِمَّةُ من إلزامهم إِبطال الشُّفْعَةِ غير سديد؛ فإِنَّ هذه الطَّريقة لو أبطلت الشُفعة لما بقيت شفعة الشَّفيع؛ إِذْ لا