وأنا أضرب لك مثالًا أبيّن لك به مقصودي، فأقول: إِذا قررت أن الطّعم علة الربويات ظنًّا، فأنت غير قاطعٍ بخطأ من يعلّل بالقوت أو الكَيْل، وإنما أنت ظانّ، فإذا ألحقت بالبر الزبيب، بجامع الطّعم، وهذا قياس المُسَاواة؛ لأنه مَطْعُوم مُقْتَات مكيل، فهو ربوي على التقادير كلها، وإن ألحقت به التفاح، لم يكن ربويًا إِلا على تقدير واحد، وهو الطعم، وما كان ربويًا على جميع التقادير راجح على ما لا يكون ربويًا إِلا على تقدير واحد. هذا المراد بقياس الأَدْوَن، فافهم، وقد قررته كذلك في "شرح المِنْهَاج"، والمساواة لا بد منها، وإلا فلا سبيل إِلى تعدي الحكم، ولا يتحقّق القياس.
الشرح: ولتكن مُسَاواة الفرع في العلّية لعلّة الأصل واقعة "فيما يقصد"، أي: في الوصف الذي هو مقصود في العلّة "من عين أو جنس"، أي: سواء أكان ذلك الوَصْف المقصود عين العلة أو جنسها، فالعين:"كالشّدّة في النبيذ"، حيث يقاس بها على الخمر؛ فإنها بعينها موجودة في النَّبيذ، كما هي موجودة في الخَمْرِ، فقد وجد في الفرع - وهو النَّبيذ - عين علّة الأصل، والمراد عينها بحسب النَّوع، لا بحسب الشَّخص؛ إذ لا سبيل إِلى وجدان شخص علّة الأصل في الفرع، وإلا اتحد، "و" الجنس "كالجناية في" قياس "قِصَاص الأطراف على" قصاص "النَّفس"، فإن علة قصاص الأَطْرَاف مساوية لعلّة قصاص النفس في الجناية التي هي مقصودة، والجناية جنس علّة قصاص النفس.
الشرح: ومن شرائط الفَرْع "أن يساوي حكمه حكم الأصل فيما يقصد" كونه وسيلة للحكم "من عين أو جنس" أي عين الحكم أو جنسه، فالأول "كالقصاص في النفس بالمُثَقّل" إِذا قيس "على المحدد"، فإن وجوب القصاص بالمُثَقّل بعينه يساوي وجوب القصاص بالمُحَدّد. والثاني "كالولاية في النكاح في الصغيرة" يقاس "على المولى عليها في المال"؛ فإن ولاية النكاح مساويةٌ لولاية المال في جنس الولاية.