للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَلَّا يَكُونَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَلَا مُتَقَدِّمًا عَلَى حُكْمِ الأصْلِ، كَقِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي النِّيَّةِ؛ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ حُكْمِ الْفَرْعُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْعِلَّةِ؛ لِتَأَخُّرِ الأصْلِ.

نَعَمْ: يَكُونُ إلْزَامًا.

وَقِيلَ: وَأَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ ثَابِتًا بِالنَّصِّ فِي الْجُمْلَةِ لَا التَّفْصِيلِ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ قَاسُوا: "أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ" عَلَى الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ وَالظِّهَارِ.

الشرح: "وأَلَّا يكون منصوصًا عليه" (١)، وإلا لكان حكمه ثابتًا بالنص لا بالقياس، وهذا إِذا كان ذلك الحكم المنصوص عليه مخالفًا للقياس واضح، وإلا لزم تقديم القِيَاس على النص، ووضوحه بالنسبة إِلى أنه لا فائدة للقياس، ولا يعمل به، وإلا فهو قياس في نفسه صحيح، ولذلك نقول: إِذا تعارض القياس والنص، فالنص مقدّم، وإنما يتعارضان عند صحتهما.

وأما إِذا كان النص على موافقة القياس، فإما أن يكون النص الدَّال على ثبوت حكم الفرع هو بعينه الذي دَلّ على حكم الأصل، فينبغي أن يكون القياس باطلًا؛ إذ ليس جعل تلك الصورة أصلًا، والأخرى فرعًا أَوْلى من العكس؛ فإن نسبة دلالة النص إليهما على السواء، وإما أنْ يكون غيره، وفهم الشَّارحون أن هذا القسم هو مراد المصنّف، نظرًا من جهة أن الأكثرين في هذا القسم على الجواز؛ لأن تَرَادف الأدلّة على مدلول واحد جائز.

ومنع بعضهم من قياس المنصوص عليه مطلقًا؛ لقصّة مُعَاذ، فإنها بما فيها من صيغة "إن" الشرطية، كما اقتضت مشروعية القياس عند فقدان النص، أفهمت عدم مشروعيته عند الوجدان.

"ولا متقدمًا على حكم الأصل، كقياس الوضوء على التيمُّم في النِّيَّة"؛ لأن التعبُّد بالتيمم إنما ورد بعد الهِجْرَةِ، وكان التعبُّد بالوضوء قبلها، وإنما [اشترطنا] (٢) ذلك "لما يلزم


(١) ينظر: المحصول ٢/ ٢/ ٤٩٩، الإحكام للآمدى ٣/ ٢٣٢، المستصفى ٢/ ٣٣١، جمع الجوامع ٢/ ٢٢٨، نهاية السول ٤/ ١٣٣، تيسير التحرير ٣/ ٣٠٠، حواشى المنار ٧٦٧، ٧٧١، إرشاد الفحول (٢٠٩)، فتح الغفار ٣/ ١٦، فواتح الرحموت ٢٦٠، المدخل ٣١٢، كشف الأسرار ٣/ ٣٠٢.
(٢) في أ، ت: اشترط.

<<  <  ج: ص:  >  >>