للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مِثْلُ: "فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ"، ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [سورة المائدة: الآية ٣٨]، وَمِثْلُ قَوْلِ الرَّاوِي: "سَهَا؛ فَسَجَدَ" "وَزَنَى مَاعِزٌ؛ فَرُجِمَ" سَوَاءٌ الْفَقِيهُ وَغَيْرُهُ؛ لأِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْهَمْهُ لَمْ يَقُلْهُ.

وَتَنْبِيهٌ وَإيمَاءٌ، وَهُوَ الاِقْتِرَانُ بِحُكْمٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ [هُوَ] أَوْ نَظِيرُهُ ........

وقول الشاعر: [البسيط]

فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللهُ نِعْمَتَهُمْ … إِذْ هُمْ قُرَيْشٌ وَإذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ (١)

وذكر ابن مالك: أن سيبويه أشار إلى هذا، ونازعه شيخنا أبو حَيّان وقد أنكر التَّبْرِيزي (٢) صاحب "التَّنْقيح" كونها للتعليل.

الشرح: والثاني: أن تذكر العلّية بتعليق الحكم على الوصف بالفاء، وهو نوعان:

أحدهما: أن تدخل "الفاء" على العلة، ويكون الحكم متقدمًا، وإليه أشار بقوله: "مثل: "فإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ" يَوْمَ القِيَامَةِ وَأَوْدَاجُهُمْ تَشْخُبُ دَمًا … " الحديث الذي يذكر الأصوليون أنه ورد في قَتْلَى أحد، وأنا لا أحفظ هذا اللفظ في رواية، ويروي الفرضي في مسند أحمد بن حنبل من حديث جابر أن النبيّ قال في قتلى أحد: "لَا تُغَسِّلُوهُمْ؛ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ كَلْمٍ، أَوْ كُلّ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ القِيَامَةِ" (٣)، وفي إسناده رجل مجهول يسمى:


(١) البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه ١/ ١٨٥، وتخليص الشواهد ص ٢٨١، والأشباه والنظائر ٢/ ٢٠٩، والجني الداني ١٨٩، ٣٢٤، ٤٤٦، والدرر ٢/ ١٠٣، ٣/ ١٠٥، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٦٢، وشرح التصريح ١/ ١٩٨، وشرح شواهد المغني ١/ ٢٣٧، ٢/ ٧٨٢، والمقاصد النحوية ٢/ ٩٦، والمقتضب ٤/ ١٩١، والهمع ١/ ١٢٤، ومغني اللبيب ٣٦٣، ٥١٧، ٦٠٠، وأوضح المسالك ١/ ٢٨٠، ورصف المباني ٣١٢، ومغني اللبيب ٨٢، وشرح الأشموني ١/ ١٢٢، والمقرب ١/ ١٠٢، وخزانة الأدب ٤/ ١٣٣، ١٣٨.
(٢) مظفر بن أبي محمد بن إسماعيل بن علي الراواني، الشيخ أمين الدين، أبو الخير التبريزي. ولد سنة ٥٥٨ هـ. وتفقه بـ"بغداد" على ابن فضلان، ثم حج وقدم "مصر" ودرس بالمدرسة الناصرية. قال السبكي: كان من أجل مشايخ العلم بـ "مصر" فقيهًا، أصوليًّا، عابدًا، زاهدًا، من مصنفاته "سمط الفوائد" واختصر "المحصول" سماه "التنقيح". ومختصره المعروف، وغيرها. توفي بـ "شيراز" سنة ٦٢١ هـ. ينظر: طبقات الشافعية للسبكي ٥/ ١٥٦، وهدية العارفين ٢/ ٤٦٣، وابن قاضي شهبة ٢/ ٩١.
(٣) أخرجه أحمد ٣/ ٢٩٩ من طريق الزهري عن ابن جابر عن جابر بن عبد الله مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>