للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّعْلِيلِ - كَانَ بَعِيدًا؛ مِثْلُ: "وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ"، فَقَالَ: "أَعْتِقْ رَقَبَةً"؛ كَأنَّهُ قِيلَ: "إذَا وَاقَعْتَ، فكَفِّرْ"، فَإِن حُذِفَ بَعْضُ الأوْصَافِ فَتَنْقِيحٌ، وَمِثْلُ: "أيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: "فَلَا، إِذْنَ".

بـ "عبد ربّ".

والثاني: أن تدخلها على الحُكم، وتكون العلّة متقدمة.

قال الإِمام: ويشبه أن تكون أقوى في الإِشعار بالعلّية من عكسه، ونازعه النقشواني.

وذلك إما في كلام الشارع، مثل: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [سورة المائدة: الآية ٣٨]، أو كلام الراوي، وإليه أشار بقوله: "ومثل قول الراوي: "سَهَا، فَسَجَدَ"" رواه أبو داود، والترمذي، بإسناد حسن غريب، من حديث عمران بن حُصَين.

"وزنى ماعزٌ، فرُجِمَ"، وحديث زنا ماعز ورجمه متفق على صحته، ولكن هذا اللَّفظ - وهو مطلوبه - لا أعرفه، و"سواء الفقيه وغيره" في ذلك؛ "لأن الظاهر أنه لو لم يفهمه، لم يقله"، ولا يخفى أن الوارد في كلام الله - تعالى - ورسوله أقوى مما ورد في كلام الرَّاوي، والراوي الفقيه أولى ممن ليس بفقيه.

الشرح: "و" الثاني من مراتب النص: "تنبيه وإيماء (١)، وهو: الاقتران" أي: اقتران الوَضف "بحكم لو لم يكن هو"، أي: الوصف، "أو نظيره للتعليل، كان" ذلك الاقتران "بعيدًا من الشَّارع ينزه عنه فَصَاحته وإتيانه بالألفاظ في مواضعها، ثم هو - أَعني: الإِيماء - على أَرْبَعَةِ أوجه:


(١) الإيماء والتنبيه لفظان يتقارب معناهما لغة، فالإيماء في اللغة بمعنى الإشارة، مأخوذ من ومَأَ إلَيْهِ يَمَأُ ومئًا: أشار وقال الليث: "الإيماء أن تُومِئَ برأسك أو بيدك كما يومئ المريض برأسه للركوع والسجو".
أما التنبيه: فإنه يأتي بمعنى القيام والانتباه من النوم، يقال: نبهه وأنبهه من النوم، فتنبه وانتبه.
أما عند علماء الأصول: فكثير منهم استعمله في مفهوم واحد، وهو أن يكون التعليل مفهومًا من لازم مدلول اللفظ وصفًا، من هنا يخالف النص الصريح؛ لأن الصريح ما يكون اللفظ فيه دالًا بوضعه على التعليل، أما الإيماء فإنه يدل بلازمه، وبلفظ آخر فإن اللفظ في الإيماء لا يكون موضوعًا للتعليل، وإنما يفهم التعليل فيه من السياق أو القرائن اللفظية الأخرى، بخلاف الصريح، وقد ضبط علماء الأصول ذلك بضابط أن كل اقتران بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدًا، فيحمل على التعليل دفعًا للاستبعاد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>