للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَثَالِثُهَا: الأوَّلُ إِيمَاءٌ لَا الثَّانِي: فَالأوَّلُ عَلَى أَنَّ الإيمَاءَ اقْتِرَانُ الْوَصْفِ بِالْحُكْمِ، وَإنْ قُدِّرَ أَحَدُهُمَا.

"أو" يفرق بينهما "بغاية، أو استثناء، مثل: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٢٢] و ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٣٧].

أو شرط، مثل: "فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"، أو بلفظ يجري مجرى الاستدراك، مثل: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [سورة المائدة: الآية ٨٩]، يدل على أن التعقيد علة المؤاخذة، والمعتمد في هذا النوع من الإِيماء على أنه لا بُدّ للتفرقة من فائدة، وجعل الوصف سبب التفرقة فائدة، والأصل عدم غيرِه.

"ومثل: ذكر وصف مناسب مع الحكم"، وهو الرابع من وجوه الإيماء، "مثل": قوله - عيه الصلاة والسلام -: ""لَا يَقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ"، رواه الشافعي، ولفظه: "لَا يَحْكُمُ الحَاكِم، أَوْ لَا يَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ والجماعة لفظهم: "لَا يَقْضِي حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ"، ففيه تنبيه على أن الغضب علة؛ لأنه يشوش الفكر، كذا قيل: والحق: أن العلَّة المعنى المشترك، وهو تَشْويش الفِكْر، والوصف المذكور علة بمعنى: أنه مشتمل عليه، فيلحق به ما في معناه، كالجائع والحَاقِنِ، ويخرج عنه سواه، كالغضب إِذا كان لله تعالى، ذكره إِمام الحرمين، والبَغَوِي، وغيرهما.

وهذا كله إذا ذكر الحكم والوصف معًا، "فإن ذكر الوصف صريحًا، والحكم مستنبط، مثل: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٧٥] ".

فإن الوصف الذي هو حل البيع مصرح به، والحكم، وهو الصحة غير مذكور، بل مستنبط من الحل، "أو بالعكس"، وهو كثير، منه أكثر العلل المستنبطة، نحو: "لَا تَبِيعُوا البُرَّ بِالبُرِّ.

الشرح: "فثالثها"، أي: ثالث المَذَاهب في هذين القسمين: أن "الأوّل" وهو ذكر الوصف، "إيماء، لا الثاني"، ومنهم من ادَّعى الاتفاق على [أن] (١) الثاني ليس إِيماء.


= البيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٢٢٠ كتاب الفرائض؛ باب: لا يرث القاتل.
(١) سقط في أ، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>