فالظَّاهر المنضبط: احتراز عن الوضف الخفي، وما لا ينضبط.
وقولنا:"بحيث" لا بد منها، وإن أهملها الآمدي والمصنف، فالظاهر أنهما أراداها، وإلا يلزم أن يكون اعتبر في ماهيّة المناسبة ما هو خارج عنها، وهو اقتران الحُكْم للوصف، وهو خارج بدليل قولنا: المُنَاسبة مع الاقتران دليل العلّة، ولو كان الاقتران داخلًا، لما صحّ هذا.
وما يصلح أن يكون مقصودًا: احتراز عن الوصف المُسْتبقى في السَّبر، والمَدَار في الدوران، وغيرهما.
وقوله:"من حصول مصلحة، أو دفع مفسدة" بيان لقوله: ما يصلح.
واعترض الشيخ الهِنْدِي: بأنه إن عني بقوله: يحصل من ترتيب الحكم علته، أنه يلزم من ترتيب ما يقتضيه الوصف من الحكم بحسب مناسبته له، فيلزم تعريف الشيء بنفسه؛ لأن تعريف المناسب إنما هو باعتبار مناسبته فتعريفه بالمناسبة تعريف للشيء بنفسه، وإِن عني به غيره فليبينه. سلمنا، ولكن لا حاجة إِلى هذا القيد، بل يكفي أن يقال: يلزم من حصوله حصول الحكم المستلزم لحصول ما يصلح أن يكون مقصودًا للشارع؛ لأنّا إِذا علمنا الوصف وحده، والحكم وحده، وما يصلح أن يكون مقصودًا وحده، علمنا من وجود الوصف مقارنة الحكم له، وحصول ما يصلح أن يكون مقصودًا، والمقارنة إِنما تراد لاعتبار المناسبة، لا لتحقيق ماهيّتها.
وأما أنه يلزم من ترتيب الحكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصودًا للشارع، فذلك زائد على ماهية المناسبة.
وأيضًا فإنه غير جامع؛ لأن التعليل بالحكمةء الظاهرة المنضبطة جائز على المختار عند المصنّف، والوصفيّة غير متحقّقة فيها، مع تحقق المناسبة.
"فإن كان" الوصف المذكور "خفيًّا، أو غير منضبط اعتبر ملازمه"، وهو وصف ظاهر منضبط ملازمه، فيجعل معرفًا للحكم، "وهو المظنة"، فيوجد بوجوده، ويعدم بعدمه، سواء أكانت الملازمة عقلية أم لا، وإنما لم يعتبر هو؛ لأنّه لا يعلم، فكيف يعلم به الحكم؟ وإليه أشار بقوله:"لأن الغيب لا يعرف الغَيْب، كالسّفر للمشقّة"؛ فإن المشقّة مناسبة