لترتيب الترخُّص، واعتبارها في نفسها متعذّر؛ لعدم انضباطها، فنيط الترخُّص بملازمها، وهو السَّفر، "والفعل المقضي عليه عرفًا بالعَمْد في العمدية" بأن القَتْل العمد العدوان مناسب لشرع القِصَاص، لكن وصف العَمْد خفي؛ لأن القصد وعدمه أمر يقيني لا يدرك شيء منه، فنيط القِصَاص بما يلازم العمدية من أفعال مخصوصة يقضي بالعرف عليها بكونها عمدًا.
الشرح: وقال أبو زيد الدّبوسي - ضرغام أصحاب الرأي -: "المُنَاسب: ما لو عرض على العقول تلقته بالقَبُول"، وهو معترف بأنه لا يمكن إِثباته في المُنَاظرة؛ إذ يقول الخَصْم: لا يتلقَّاه عَقْلي بالقبول،، وتلقي عقلك له لا يلزمني (١).
"وقد يحصل المقصود من شرع الحكم يقينًا و" قد يحصل "ظنًّا".
فاليقيني:"كالبيع"؛ فإِنه إذا كان صحيحًا، حصل منه الملك، الذي هو المقصود يقينًا.
"و" الظَّني مثل: "القصاص" للانْزِجَارِ، فإن مشروعيته تقلل الإِقدام على القتل العَمد العدوان، وعليه نبه قوله - تعالى -: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩].
"وقد يكون الحصول ونفيه متساويين، كحدّ الخمر"، فإِن حصول المقصود الَّذي هو حفظ العَقْل، وانتفاءه منه متساويان، فإن استيلاء ميل الطباع إِلى شرب الخَمْر يقاوم خوف عقاب الحَدّ، ولهذا نجد كثرة الممتنعين عنه مقاومة لكثرة المقدمين.
واعترضه الهِنْدِي: بأن ذلك إِنما هو للتَّسَامح في إِقامة الحدود، وأما مع إقامتها فلا، ونحن إنما نعتبر كونه مُفْضيًا إِلى المقصود - أولًا - على تقدير رعاية المشروع، لا بمجرد تشريع الحكم.
ولك أن تقول: ولو فرضنا رعاية المشروع، لكان إقامة حد الخمر أقل منعًا للشاريين،