للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الضرورية؛ إذ لو لم نوجبه لاسْتَعَان كلّ من أراد قتل إِنسان بصديق يشاركه، فتبطل فائدة مشروعية القِصَاصِ، واحتمال خروجه عنه؛ لاحتياجه إلى مشاركة غيره، والظَّاهر أن ذلك الغير لا يشاركه، فلم تساو المصلحة - هنا - المَصْلحة في وجوب القصاص في المُنْفرد، ومن أجل نزول هذا القسم عن الأول، كان في المذهب قول استنبطه أبو حَفْصِ بن الوكيل (١): أن الجماعة لا يقتلون بالواحد.

وقول آخر عن القديم: أن ولي الدم يقتل واحدًا يختاره من الجماعة، ويأخذ حصّة الآخرين، ولا يقتل الجميع.


= هذيل، وأنا والله عاقله، فمن قتل بعده قتيلًا، فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية. ومن للجنس تقع على القليل والكثير، فقد جعل لأهل القتيل القتل بالقتل سواء قتله قليل أو كثير. وروي عن عمر بن الخطاب أنه قتل خمسة أو سبعة بواحد.
وعن ابن عباس أنه قال: تقتل المائة بالواحد.
قال البندنيجي في تعليقه: وما قالاه - ربيعة وداود - خالفا فيه إجماع الصحابة؛ لأنهما في المسألة على قولين: أحدهما: تقتل الجماعة كلهم بالواحد. والثاني: يقتل الواحد منهم، ويؤخذ من الباقين بالحصة من الدية.
فمن قال: إن الجماعة إذا قتلوا واحدًا سقط القود بكل حال، فقد أحدث قولًا ثالثًا، وأحدث قولًا خلاف الإجماع.
وما استدلوا به من قوله تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ فأدخل الألف واللام للجنس، فكأنه قال: جنس النفس بجنس النفس، وقوله: لا يقتل اثنان بواحد في رواية جبير عن الضحاك فهو مرسل لا نقول به. وروى البيهقي والدارقطني عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر أَن النَّبِيّ قال: إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخَر، يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك. وفي رواية معمر عن إسماعيل بن أمية يرفعه: "اقتلوا القاتل، واصبروا الصابر" يعني احبسوا الذي قتل حتَّى الموت. ينظر: الاعتناء ٢/ ٩٥٧.
(١) عمر بن عبد الله بن موسى، أبو حفص بن الوكيل الباب، شامي. قال أبو حفص المطوعي: هو فقيه جليل الرتبة من نظراء أبي العباس وأصحاب الأنماطي، وممن تكلم في المسائل وتصرف فيها فأحسن ما شاء. ثم هو من كبار المحدثين والرواة وأعيان النقلة. مات بعد ٣١٠ هـ.
ينظر: طبقات الفقهاء للشيرازي ص (٩٠)، وتهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢١٥ وطبقات الفقهاء للعبادي ص (٤٣)، وطبقات ابن قاضي شهبة ١/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>