للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن كَانَ غَرِيبًا أَوْ ثَبَتَ إِلْغَاؤُه، فَمَرْدُودٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مُلَائِمًا، فَقَدْ صَرَّحَ الإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - بِقَبُولهِ، وَذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُما اللَّهُ.

وَالْمُخْتَارُ رَدُّه، وَشَرَطَ الْغَزالِيُّ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، فالأَوَّلُ كَالتَّعْلِيلِ بالصِّغَرِ فِي حَمْلِ النِّكَاحِ عَلَى الْمَالِ فِي الْوِلَايَةِ؛ فَإِنَّ عَيْنَ الصِّغَرِ مُعْتَبَرٌ فِي جِنْسِ حُكْمِ الْوِلَايَةِ بِالإِجْمَاعِ.

الشرح: ثم هو ينقسم باعتبار إِلى: مرسل ملائم، ومرسل غريب؛ لأنه إِن اعتبر جنسه البعيد في جنس الحُكْم، فهو الملائم، وإلا فالغريب، وباعتبار آخر، إلى: ما علم من الشارع إلغاؤه، وما لم يعلم.

"فإن كان غريبًا، أو ثبت إلغاؤه، فمردود اتفاقًا"، ولا يظن أن مالكًا ولا غيره من العلماء يخالف [هنا] (١).

ولقد قال إمام الحرمين: لا نرى التَّعلُّق بكل مصلحة، مع أن من جملة ذلك ما لم يعلم إِلغاؤه، فكيف نقول بما علم إِلغاؤه (٢).

"وإن كان ملائمًا، فقد صرح الإمام والغزالي (٣) بقبوله، وذكر عَنْ مالك والشافعي"، والذي صحّ عن مالك أنه اعتبر جنس المصالح مطلقًا، ولا كذلك الإِمام والغزالي؛ فإِنهما لا ينسحبان على هذا المذهب، بل قد بالغ الإمام في "البرهان" في الرد على مالك.

وأما الشافعي فإِنه لا ينتهي إلى مقالة مالك، ولا يستجيز الثَّنائي والإفراط في البعد، وإنما يسوغ تعليق الإحْكام بمصالح يراها شَبِيهَةً بالمصالح المعتبرة وفاقًا، وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول، قارّة في الشريعة، وإمام الحرمين يختار نحو ذلك.

الشرح: "والمختار" عند الأكثر، منهم المصنّف: "رده، وشرط الغَزَالي فيه أن تكون


(١) في ت: هذا.
(٢) ينظر: البرهان ٢/ ١١٣٢.
(٣) ينظر: المستصفى ٢/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>