والحق: أنه لا يثبت؛ لأن المناسبة قسيم الشّبه، فكيف يثبت بها؟
"ومن ثم قيل" في تعريف الشبه: "هو الذي لا تثبت مناسبته إلا بدليل منفصل"، وهذا بخلاف المُنَاسبة، فإِن علتها ثابتة بالذات.
"ومنهم من قال: ما يوهم المُنَاسبة"، وليس بمناسب، وهو نسبة الوَصْف الطَّرْدي من حيث إِنه غير مناسب، ونسبة المناسب من حيث الْتِفات الشرع إليه، "ويتميز عن الطَّرْدي بأن وجوده كالعَدَم"، كما يقال في الخلّ: مائع لا تبنى القَنْطَرة على جنسه، فلا يزيل الخبث كالزيت، فإن ذلك مما أَلْغاء الشَّارع قطعًا، بخلاف الذُّكورة والأُنُوثة، فإنه اعتبر في بعض الأحكام.
"و" تميز "عن المناسب الذاتي بأن مناسبته عقليّة وإن لم يرد شرع، كالإِسكار في التحريم"؛ إذ العَقْل يدرك مناسبته له، بخلاف الشبه، وقد وضح لك بهذا أن الشبه منزلةٌ بين منزلتي المُنَاسبة والطردي، وهذا ما لا خلاف فيه، وإِن تكاثر التَّشَاجر في تعريف هذه المنزلة، ومع هذا لم أجد لأحد تعريفًا صحيحًا، وقد اعترف إمام الحرمين: بأنه لم تتحرّر فيه عبارة مستمرة في صناعة الحُدُود.
وما أحسن قول ابن السَّمْعاني: قياس المعنى تحقيق، والشّبه تقريب، والطرد تَحكّم.
ثم قال: قياس المعنى ما يناسب الحكم ويستدعيه، ويؤثر فيه، والطَّرد عكسه، والشبه: أن يكون لفرع بحادثة أَصْلان، فيلحق بأحدهما بنوع شبه مقرب؛ أي: يقرب الفَرْع من الأصل في الحكم المطلوب من غير تعرّض لبيان المعنى.
الشرح:"مثاله": قولنا في إزالة الخَبَث: "طهارة تُرَاد للصّلاة، فيتعين لها الماء كطهارة الحَدَثِ، فالمناسبة" بين كونها طَهَارة تراد للصَّلاة وتعين الماء "غير طهارة، واعتبارها في مسّ المصحف والصلاة موهم" للمناسبة.