للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: أَنَّ الْوَصْفَ الْمُتَّصِفَ بِذَلِكَ، إِذَا خَلَا عَنِ السَّبْرِ أَوْ عَنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ - جَازَ أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا لِلْعِلَّةِ؛ كَرَائِحَةِ الْمُسْكِرِ؛ فَلَا قَطْعَ، وَلَا ظَنَّ.

وَاسْتَدَلَّ الْغَزَالِيُّ بأَنَّ الاِطِّرَادَ سَلَامتُهُ مِنَ النَّقْضِ، وَسَلَامَتُهُ مِنْ

بمجرده ظنًّا ولا قطعًا والمعنى: لا يفيد ظن العلّية ولا القطع بها، لا أنه لا يفيد الحكم، بل قد يثبت الحكم بالدَّوران، بل وبالطَّرد وحده، كما سيأتي في كلام المصنّف في أول الاستدلال في التلازم بين ثبوتين أنه يثبت بالطرد، ويقوي بالعكس.

الشرح: "لنا: أن الوصف المتّصف بذلك" إِنما يكون مجردًا "إذا خلا عن السَّبر"، وهو أخذ غيره معه وإبطاله، "أو عن أن الأصل عدم غيره، أو غير ذلك" من مناسبة أو شبه، وإذا خلا عن ذلك، فكما يجوز كونه علّة، "جاز أن يكون ملازمًا للعلة، كرائحة المسكر" المخصوصة، فإنها دائرة معه وجودًا وعدمًا، وليست علة، ومع قيام هذا الاحتمال، "فلا قطع، ولا ظن" يحصل، ويكون الحكم بالعلّية فيه تحكمًا، وإن التفت إِلى السبر أو غيره، فليس ذلك من محل النِّزَاع؛ إِذ النزاع في الدّوران المجرد، وهذا ذكره القاضي في "التقريب إِلَّا أنه لم يقل: إِنه يمتنع الظن بأن الدّوران علة.

والحق: أنه يمنع القطع دون الظن، وهذا احتمال مرجوحٌ، والقول باحتياجه في إفادته الظن [إِلى] (١) السبر وغيره.

وقال الشيخ الهِنْدِي: إِنه لو تم لقدح في أكثر الأدلّة، كالمناسبة وغيرها؛ لأن المستدلّ إذا أبدي مناسبة وصف، يقول الخصم: إنما يعمل به لو سلم عن المُعَارض، ولا سبيل إِلى دَفْع ذلك إِلَّا بالأصل، أو السَّبر والتقسيم، ويلزم من ذلك الانتقال من تلك الطريقة إِلى غيرها.

الشرح: "واستدلّ الغزالي"، كما حكاه المصنف تبعًا للآمدي، "بأن الاطِّرَاد سلامته من النَّقْض" الذي هو أحد مفسدات العلّة، "وسلامته عن مفسد واحدٍ لا توجب انتفاء كل مفسد"، فربما لم يسلم عن مفسد آخر، "ولو سلم" سلامته عن كلّ مفسدة "فلا صحّة إِلَّا


(١) في ت: في.

<<  <  ج: ص:  >  >>