للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفْسِدٍ وَاحِدٍ لَا تُوجِبُ انْتِفاءَ كُلِّ مُفْسِدٍ، وَلَوْ سُلِّمَ فَلَا صِحَّةَ إِلَّا بِمُصَحِّحٍ، وَالْعَكْسُ لَيْسَ شَرْطًا فِيها؛ فَلَا يُؤَثِّرُ.

وَأُجِيبَ: قَدْ يَكُونُ لِلاجْتِمَاعِ تَأْثِيرٌ؛ كَأَجْزَاءِ الْعِلَّةِ.

وَاسْتُدِلَّ: بِأَنَّ الدَّورَانَ فِي الْمُتَضَايِفَيْنِ؛ وَلَا عِلَّةَ.

بمصحّح"، وهذا كما لو سلمت شَهَادة المَجْهُول عن قادح، لا يدلّ على كونها حجّةً، ما لم تَقُمْ بَيّنة التزكية.

ومن قال: دليل صحّتها انتفاء المُفْسد، يعارض بأن دليل فسادها انتفاء المصحّح، "والعكس ليس شرطًا فيها"؛ لما تقدم من أنه لا يشترط في العقة الانعكاس، "فلا يؤثر".

واعلم أنَّ ذكر الدليل على هذا الوجه - أعني: أنّ الاطراد السلامة عن مفسد آخر - لم أره لِلْغَزَالي ولا لغيره ممن تقدّمه، وإنما ذكره الغزالي ردًّا على من قال: إِن سلامة العلّة عن مفسد دليل صحّتها، ثم لما ذكر الدَّوَرَان استدلّ على فساده بجواز كونه ملازمًا، كما استدلّ المصنّف، نعم وزاد فقال: وهذا لأن الوجود عند الوجود طردٌ مَحْض، وزيادة العكس لا تؤثر؛ لأن العكس ليس بشرط انتهى.

وهذه الزيادة دليل مستقلّ على فساد الدّوَرَان، ذكره القاضي أبو بكر وغيره ممن تقدم الغزالي.

وقال إِمام الحرمين: إِنه من التَّشَدُّق [والتَّفَيْهُق] (١) الذي يستدل به من لا يعد من الرَّاسخين.

وأجاب عنه: بأن المجموع يغلب على الظّن، قال: وإن زعم أنه لا يغلب انتسب إلى العناد.

الشرح: وإلى الجواب أشار المصنّف بقوله: "وأجيب: قد يكون للاجتماع تأثير كأجزاء العلة.


(١) في أ، ت: التفهيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>