للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ: انْتَفَتْ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ مَانِعٍ.

قَالُوا: إِذَا حَصَلَ الدَّوَرَانُ وَلَا مَانِعَ مِنَ الْعِلَّةِ - حَصَلَ الْعِلْمُ أَوِ الظَّنُّ عَادَةَ؛ كَمَا [لَوْ] دُعِيَ إِنْسَانٌ بِاسْمٍ، فَغَضِبَ، ثُمَّ تُرِكَ، فَلَمْ يَغْضَبْ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ - عُلِمَ أَنَّهُ سَبَبُ الْغَضَبِ حَتَّى أَنَّ الأَطْفَالَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ.

قُلْنَا: لَوْلَا ظُهُورُ انْتِفَاء غَيْرِ ذَلِكَ بِبَحْثٍ أَوْ بأَنَّهُ الْأَصْلُ - لَمْ يُظَنَّ، وَهُوَ طَرِيقٌ مُسْتقِلٌ، وَيَقْوَي بِذَلِكَ.

واستدلّ" - أيضًا - "بأن الدَّوران" موجود "في المُتَضَايفين" كالأبُوّة والبنوة، فإِنه كلما تحقق أحدهما تحقق الآخَر، وكلما انتفى انتفى، "ولا علة".

"وأجيب": بأنَّ الدوران إِنما يفيد العلّية بشرط عدم المانع، وفي المُتَضَايفين "انتفت" العلية "بدليل خاص مانع"، وهو كون كل منهما مع الآخَر.

"قالوا: إِذا حصل الدوران ولا مانع من العلّة، حصل العلم أو الظَّن عادة، كما لو دعي إِنسان باسم، فغضب، ثم ترك، فلم يغضب، وتكرر ذلك، علم أنه سبب الغضب، حتَّى أن الأطفال يعلمون ذلك"، ويتبعونه في الدُّرُوب قصدون إغْضَابه، فيدعونه، ولولا أنه ضروري لما [يتأتي] (١) للأطفال.

الشرح: "قلنا: لولا ظهور انتفاء غير ذلك ببحث" أي: بأن يكونوا بحثوا عما سِوى ذلك فلم يجدوا، "أو بأنه الأَصْل أي: الأصل عدم غيره، "لم يظن، وهو طريق مستقل" من غير احتياج إِلى الدوران "و" إن كان "يقوي بذلك"، وأما حصول العلم أو الظَّن بمجرد الدَّوَرَان فلا، ولا يلزم من إِفادة الشيء تقوية الظَّن الحاصل بغيره إِفادته ظنًّا بمجرده، ولك أن تقول: من أنكر حصول الظَّن منه مع تجرّده، قرب من العِنَادِ، والأطفال يقطعون بما ذكرناه، من غير استدلال بالسَّير ولا غيره.

واعلم أن المصنّف لما قرر أن الدَّورَان لا يفيد، لم يحتج أن يذكر أنّ الاطِّراد بمجرده لا يفيد؛ لأنَّهُ إذا لم يفد الدَّوران، مع أنه طرد وزيادة، فبطريق أوْلى لا يفيد الطَّرد بمجرده.

وقد قال بعضهم بإِفادة الظن بمجرده، وهو ظن.


(١) في أ، ت: يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>