الأصل لمُلَازمة الآخَر، كقياس قطع الجَمَاعة بالواحد على قَتْلها بالواحد، بواسطة الاشْتِرَاك في وجوب الدِّيَةِ عليهم"، فإن الجامع الذي هو وجوب الدِّيَةِ على الجماعة يلازم العلّة في الأصل، وهي القَتْل العَمْد العدوان.
وموجبه الآخَر وجوب القِصَاصِ، فقد جمع بينهما بأحد موجبي العلّة الذي هو وجوب الدِّيَة؛ ليستدلّ به على موجبها الآخَر، وهو وجوب القصاص عليهم.
واعلم أن الأولى أن يمثل للجمع بما يلازم العلّة، بقياس النَّبِيذِ على الخمر، بجامع الرائحة الملازمة، وللجمع بأثر من آثارها، بقولنا في المُثَقِّل: قتل أثِمَ به صاحبه من حيث كونه قتلًا، فأوجب القصاص كالجَارحِ، وللجمع بحكم من أحكامها، كمسألة قطع الأيدي باليد الوَاحِدَةِ التي ذكرها المصنّف؛ فإن وجوب الدِّيَةِ على المباشر، لا نفس العلّة الموجبة للقصاص، ولا لازمها، بل من أَحْكامها، وكأن المصنف أطلق اللازم - هنا - على ما هو أعم من اللَّازم الحقيقي، والأثر والحكم، ومما يوضّح لك عدم اللُّزوم الحقيقي: أنك تجد صورًا يُنْبِيكَ الفقيه عن إِيجاب القصاص فيها دون الدِّيَةِ، كما إِذا وجب على شخص القِصَاص، فقطع المستحق أطرافه، فإنه ليس له بعد ذلك إِلَّا القتل دون الدِّيَةِ، وكما إِذا قتل الذمي مرتدًّا.
وأيضًا فموجب القَتْلِ العَمْد القصاص عينًا لأحد الأمرين منه أو الدِّية على المذهب الصحيح، فليست الدِّية موجبة، وإنما هي تدلّ على موجبه.
وأما وجوب الدِّيَة حيث لا قِصَاصَ، فكثير شهير.
وإن كان بإِلغاء الفارق، فهو القِيَاسُ في معنى الأصل، ويسمى "تنقيح المَنَاط"، وإليه أشار بقوله: "والثالث: الجمع بنفي الفارق".