للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ؛ خِلَافًا لِلشِّيعَةِ وَالنَّظَّامِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ.

وَقَالَ الْقَفَّال، وَأَبُو الْحُسَيْنِ: يَجِبُ عَقْلًا.

لَنَا: الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يَقَعْ، وَسَيَأْتِي.

قَالُوا: الْعَقْلُ يَمْنَعُ مِمَّا لا يُؤْمَنُ فِيهِ الْخَطَأُ.

وَرُدَّ بِأَنَّ مَنْعَهُ هُنَا لَيْسَ إِحَالَةً، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِذَا ظَنَّ الْصَّوَابَ لَا يَمْنَعُ.

قَالُوا: قَدْ عُلِمَ الأَمْرُ بِمُخَالَفَةِ الظَّنِّ؛ كَالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَالْعَبِيدِ، وَرَضِيعَةٍ فِي عَشْرِ أَجْنَبِيَّاتٍ.

قُلْنَا: بَلْ قَدْ عُلِمَ خِلَافُهُ؛ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَالشَّهَادَاتِ، وَغَيْرِهَا، وَإنَّمَا مُنِعَ لِمَانِعٍ خَاصٍّ.

الشرح: "يجوز التعبُّد بالقياس (١)؛ خلافًا للشيعة والنظام، وبعض المعتزلة.

وقال القفال، وأبو الحسين: يجب عقلًا (٢).


(١) فمعناه التكليف به، وهل المراد إيجابه أو إيجاب العمل بمقتضاه؟ جري الآمدي وأكثر شراح المختصر على أن المراد به إيجاب الشارع نفس القياس، ويلاحظ أن المراد بالقياس هنا "إثبات الحكم في الفرع" لا "المساواة في العلة" لأن التكليف إنما يكون بفعل المكلف، وعلى هذا فالمتعبد بالقياس هو المجتهد فقط، والذي وقع التعبد به هو القياس بمعنى "الإثبات". وجرى العضد في شرح المختصر على أن المراد به إيجاب العمل بمقتضى القياس "وهو حكم الفرع الذي ثبت به". فالمتعبد بالقياس على هذا هو جميع المكلفين لا خصوص المجتهد، والذي وقع التعبد به هو العمل بمقتضى القياس، "فإن قلت": إن مقتضاه قد يكون الندب أو الكراهة أو الإباحة، فكيف يكون العمل به واجبًا على الإطلاق؟ "قلنا: المراد بإيجاب العمل بمقتضى القياس "إيجاب اعتقاد مقتضاه"، سواء أكان ذلك المقتضي وجوبًا أم غيره.
(٢) بمعنى أن الدليل العقلي المحض دل على أنه أمر ثابت لا يتصور انتفاؤه. وإلى هذا ذهب أبو الحسين البصري المعتزلي والقفال الشاشي الشافعي كما حكى المصنف .
وهذا المذهب مبني على القول بوجوب فعل الصلاح والأصلح على الله تعالى، وبناؤه على هذا القول ظاهر بالنسبة لأبي الحسين، لأنَّهُ معتزلي، وأما بالنظر للقفال وهو من فقهاء أهل السنة فوجهه أنه كان قائلًا بالاعتزال في أول أمره ثم رجع إلى مذهب الأشعري كما قال ابن السبكي =

<<  <  ج: ص:  >  >>