واختلفوا: هل هو قطعي أو ظَنّي؟ "والأكثر: قطعي؛ خلافًا لأبي الحسين".
ثم اختلف أئمّتنا في تَعْيين الدليل الدَّال عليه، وتشعبوا شعوبًا وقَبَائل، والمعتمد من الطرق الاستدلال بعمل الصحابة ﵃ ثم اختلف سالكوه، فمنهم من زعم: قيام الإجماع منهم جميعًا إجماعًا قوليا، ولم يذكره في الكتاب، بل ذكر فريقين آخرين سالكي هذه الطريقة.
الشرح: فقال: "لنا: ثبت بالتَّواتر عن جمع كثير من الصَّحَابة العمل به عند عدم النَّص، وإن كانت التفاصيل" المروية في ذلك "آحادًا"، فالقدر المشترك منها متواتر.
"والعادة تقضي بأن مثل ذلك لا يكون إِلَّا بقاطع"، فدلّ على قيام قاطع عليه، وليس في هذه الطريقة ادّعاء وقوع إِجماع، لا سكوتي ولا قولي.
"وأيضًا: تكرر وَشَاع" فيما بينهم، "ولم ينكر، والعادة تقضي بأنّ السكوت في مثله وفاق"، وهذا إِجماع سكوتي، وهو أقوى من جميع الإِجماعات السّكوتية؛ لأنها في أَمْرٍ جزئي، وهذا في أصل عظيم في الشَّرِيعة، فربَّ ساكت في بعض الحَوَادث الجزئية غير ساكت على اعتماد أمر عظيم، فلا يَمْتَرِي ذو لُبّ أن السكوت على القواعد العظيمة أدلّ على الموافقة من السّكوت على فرع جزئي، وإلى هذا أشار بقوله: في مثله؛ لينبّه على أنه قد يوافق - هنا - من لا يقول بالسّكوتي.
ثم أخذ يذكر شيئًا مما جرى بيبن الصَّحَابة في ذلك، وهذا باب تضيق عنه الأَوْرَاق، ولكنه أشار إلى النَّزْرِ اليَسِيرِ.
الشرح:"فمن ذلك: رجوعهم إلى أبي بكر" الصديق - "﵁ في قتال بني حنيفة على الزكاة"، وقوله: والله لأُقَاتِلَنَّ من فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة" (١)، وهو قياس منه
(١) أخرجه البخاري (٢/ ١٠٩ - ١١٠) كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، ومسلم (١/ ٥١ - ٥٢) =